للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلْمُسْتَعِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَاصِلَةً مِنْ سَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ مَالِ الْغَيْرِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا (الشِّبْلِيُّ) .

إيضَاحُ الضَّمَانِ: وَلَوْ آجَرَ الْمُسْتَعَارَ لِآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَانَ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ فِي زَمَنِ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَغَاصِبًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَغَاصِبًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا يَضْمَنُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ يَمْلِكُ الْمُسْتَعَارَ بِالضَّمَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ آجَرَ مَالَهُ وَالْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَانَةٌ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٦٠٠) . لَكِنْ لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا يَضْمَنُهُ لِلْمُعِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٠٢) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا كَانَ قَدْ أَخَذَ وَقَبَضَ مَالَ الْمُعِيرِ بِلَا إذْنِهِ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْغَاصِبِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِكَوْنِ عَيْنِ الْمَأْجُورِ أَمَانَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْتَعِيرُ الَّذِي هُوَ مُؤَجِّرُهُ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرَ الْغَرُورِ الْمَادَّةُ (٦٥٨) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَعْلَمُ بِكَوْنِ عَيْنِ الْمَأْجُورِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ قَدْ غَرَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذْ يَكُونُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ كَالشَّخْصِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ مَالًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ (الْبَحْرُ وَجَوَاهِرُ الْفِقْهِ) .

إيضَاحُ رَهْنٍ وَتَسْلِيمِ الْمُسْتَعَارِ بِلَا إذْنٍ: لَوْ رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ عِنْدَ آخَرَ بِلَا إذْنِ الْمُعِيرِ فَالْمُسْتَعِيرُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنُ فِي حُكْمِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ أَيْ الْمُسْتَعِيرَ.

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمَّا كَانَ الرَّاهِنُ أَيْ الْمُسْتَعِيرُ مَالِكًا لَهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَلَى مَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ أَخَذَ مَالَ الْمُعِيرِ بِلَا إذْنٍ فَإِذَا ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنُ فَيَكُونُ الْمَرْهُونَ تَلِفَ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ فَلِذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ طَلَبُ دَيْنِهِ مِنْ الرَّاهِنِ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الدَّيْنِ رَهْنٌ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمَّنَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِأَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَعِيرٌ أَمْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٦٥٨) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ.

لَكِنْ لَوْ رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ الَّذِي فِي يَدِهِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ عِنْدَ مُرْتَهِنٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَصَاحِبُ الْمَالِ الرَّاهِنُ الْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ وَإِذَا ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ الثَّانِيَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَمَا صَارَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>