للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا إذَا أَعَادَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُعِيرِ صَحِيحًا وَسَالِمًا بِدُونِ أَنْ يَتْلَفَ أَوْ يَطْرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ وَتَلِفَ بَعْدَ الْإِعَارَةِ بِيَدِ الْمُعِيرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ إذَا اسْتَعَارَ شَخْصٌ دَابَّةً لِلذَّهَابِ بِهَا إلَى مَحِلِّ كَذَا ثُمَّ الْعَوْدَةُ مِنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي بِدُونِ تَقْيِيدِهِ وَرُكُوبِهِ إيَّاهَا فَرَكِبَهَا فَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَعَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ فَأَوْدَعَهَا عِنْدَ شَخْصٍ ثُمَّ هَلَكَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا أَيْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِنَفْسِهَا بَرِئَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ.

وَلَيْسَ قَوْلُهُ: فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَعَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ، فِي هَذَا الْمِثَالِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ إيدَاعُ الْعَارِيَّةِ مُطْلَقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحَرِّي أَسْبَابٍ مُجْبِرَةٍ لِجَوَازِ الْإِيدَاعِ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا الْقَيْدُ لِبَيَانِ الْحُكْمِ الْأَكْثَرِ.

[ (الْمَادَّةُ ٨٢٥) مَتَى طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ رَدُّهَا إلَيْهِ فَوْرًا]

(الْمَادَّةُ ٨٢٥) (مَتَى طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ رَدُّهَا إلَيْهِ فَوْرًا وَإِذَا أَوْقَفَهَا وَأَخَّرَهَا بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا ضَمِنَ) .

مَتَى طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ رَدُّهَا إلَيْهِ فَوْرًا أَيْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عَنْ الْعَارِيَّةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٨٠٦) وَطَلَبَ إعَادَتَهَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَمْ تَحْدُثْ وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْمُعِيرِ حَقًّا فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَلَمْ يُعِدْهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَيْهِ وَبَقِيَ يَسْتَعْمِلُهَا لَزِمَ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ إذَا كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُعَارُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ فَلَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ الْإِعَارَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ.

إيضَاحُ الْقُيُودِ ١ - مَتَى طَلَبَ: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ الْمُطْلَقِ إذَا طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ بِالذَّاتِ يَلْزَمُ رَدُّهَا كَمَا يَلْزَمُ رَدُّهَا أَيْضًا لَوْ طَلَبَهَا بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٥٩) .

وَعَلَيْهِ لَوْ رَاجَعَ أَحَدٌ الْمُسْتَعِيرَ وَقَالَ لَهُ: إنَّ الْمُعِيرَ أَعَارَنِي الْمُسْتَعَارَ الَّذِي فِي يَدِك وَأَمَرَنِي بِقَبْضِهِ، فَصَدَّقَ الْمُسْتَعِيرُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ وَأَعْطَاهُ الْمُسْتَعَارَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ أَمَرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُسْتَعِيرُ الْأَمْرَ فَبِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُعِيرُ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا الْمَالَ الْمُسْتَعَارَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨١٤) وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بِمَا ضَمِنَ وَإِنْ الْمُعِيرُ ظَلَمَهُ بِإِنْكَارِ الْإِذْنِ وَلَمَّا كَانَ لَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ الْآخَرَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٢١) لَكِنْ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ كَذَّبَ ذَلِكَ الشَّخْصَ فِي إفَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ بِهَا أَوْ صَدَّقَ مَعَ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَأَعْطَاهُ الْمُسْتَعَارَ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨٢٠) .

إذَا ضَاعَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ وَعِنْدَ طَلَبِ صَاحِبِهِ لَهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِضَيَاعِهِ وَوَعَدَ بِرَدِّهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْبَرَهُ بِضَيَاعِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُعِيرُ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ لِلتَّنَاقُضِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>