للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ عَلَى تَسْلِيمِهِ الْأَشْيَاءَ النَّفِيسَةَ فَيَجُوزُ تَسْلِيمُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣٦) .

أَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي يَدِ الْخَدَمِ فَإِيصَالُهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ التَّسْلِيمُ فِيهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَسْلِيمًا أَوْ تَسْلِيمُهُ لِخَادِمِ الْمُعِيرِ جَائِزٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣٦) .

مَثَلًا الدَّابَّةُ الْمُعَارَةُ تَسْلِيمُهَا إيصَالُهَا إلَى إصْطَبْلِ الْمُعِيرِ وَهَذَا مِثَالٌ لِإِيصَالِهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ التَّسْلِيمُ فِيهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَسْلِيمًا أَوْ يُسَلِّمُهَا إلَى سَائِسِهِ وَهَذَا مِثَالٌ لِإِعْطَائِهَا لِخَادِمِ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمَّا كَانَ مُتَعَارَفًا يُعَوَّلُ وَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ الْإِصْطَبْلُ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَرَدُّ الْمُعَارِ إلَيْهِ كَرَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ لَكِنْ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ: إذَا كَانَ الْإِصْطَبْلُ خَارِجَ دَارِ الْمُعِيرِ فَالْإِيصَالُ إلَيْهِ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاءُ الْحَيَوَانِ هُنَاكَ بِلَا حَافِظٍ (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

قِيلَ (إصْطَبْلُهُ) ؛ لِأَنَّ إيصَالَهُ إلَى أَرَاضِي الْمُعِيرِ لَيْسَ تَسْلِيمًا (الْبَحْرُ) .

وَجَازَ تَسْلِيمُهُ إلَى سَائِسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ يَحْفَظُ حَيَوَانَهُ بِوَاسِطَةِ سَائِسِهِ فَالتَّسْلِيمُ إلَى السَّائِسِ عَادَةً كَالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَصَاحِبُهُ يُسَلِّمُهُ إلَى سَائِسِهِ. هَلْ كَلِمَةُ (سَائِسِهِ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ؟ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ يَجُوزُ تَسْلِيمُ حَيَوَانٍ كَهَذَا إلَى خَادِمِ الْمُعِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْخَادِمُ مُكَلَّفًا بِخِدْمَةِ الْحَيَوَانِ يَعْنِي سَائِسًا أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ السَّائِسَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْقَى الْحَيَوَانُ فِي يَدِهِ دَائِمًا بَلْ يَسْتَعِينُ بَعْضًا بِرُفَقَائِهِ مِنْ الْخَدَمِ وَمُعْتَبَرٌ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ رَاضٍ لِذَلِكَ الْخَادِمِ. وَقَدْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ بِصِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ (الزَّيْلَعِيّ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَوْلُهُ (سَائِسِهِ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا.

وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ جَاءَ خَادِمُ الْمُعِيرِ أَوْ سَائِسُهُ مَثَلًا مِنْ طَرَفِ الْمُعِيرِ يَقْبِضُ الْحَيَوَانَ الْمُعَارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَبَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ ضَاعَ وَأَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ قِبَلِهِ بِقَبْضِ الْمُعَارِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا أُعْطِيت الْعَارِيَّةُ لِشَخْصٍ آخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٢٥) لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ.

وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٩٥) الِاخْتِلَافُ فِي صِحَّةِ وَعَدَمِ صِحَّةِ رَدِّ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَيْسَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ كَرَدِّ الْعَارِيَّةِ. وَأَنَّ تَعْبِيرَ الْعَارِيَّةِ هُنَا احْتِرَازٌ عَنْ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَرُدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْغَاصِبِ فَسْخُ فِعْلِ الْغَصْبِ وَإِزَالَتُهُ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ وَلَا يَكُونُ بِالرَّدِّ لِغَيْرِهِ (الْبَحْرُ) وَسَيُعْطَى إيضَاحَاتٌ عَنْ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٩٠) .

[ (الْمَادَّةُ ٨٣٠) عِنْدَمَا يَرُدُّ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَمُؤْنَتُهَا تَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ]

(الْمَادَّةُ ٨٣٠) - (عِنْدَمَا يَرُدُّ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَمُؤْنَتُهَا أَيْ كُلْفَتُهَا وَمَصَارِفُ نَقْلِهَا تَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ) .

تَعُودُ مَئُونَةُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى مَنْ تَعُودُ إلَيْهِ مَنْفَعَةُ قَبْضِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٧) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ.

الْإِعَارَةُ: إذَا أَرَادَ الْمُسْتَعِيرُ رَدَّ الْعَارِيَّةِ الَّتِي فِي يَدِهِ فَمَصَارِيفُ رَدِّهَا وَمَئُونَةُ نَقْلِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ الْعَارِيَّةِ تَعُودُ عَلَيْهِ. وَقَدْ قَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ لِمَنْفَعَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>