للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ الَّذِي هُوَ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ جَوَّزَ إبْقَاءَ الْأَرَاضِي فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَأْخُذُ الْمُعِيرُ أَجْرَ مِثْلِ الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْقَى فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرَاضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ يَصِيرُ إبْقَاءُ الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٢٦) وَشَرْحَهَا (الْبَحْرُ) .

وَلِإِبْقَاءِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى مُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عِلَّتَانِ: أُولَاهُمَا - أَنَّ قَلْعَ الزَّرْعِ مُضِرٌّ بِالْمُسْتَعِيرِ كَمَا أَنَّ إبْقَاءَهُ بِلَا بَدَلٍ مُضِرٌّ بِالْمُعِيرِ أَيْضًا فَيُدْفَعُ ضَرَرُ الطَّرَفَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣١) .

وَبِذَلِكَ رُوعِيَ حَقُّ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ قَدْ غَرَّرَ بِهِ الْمُعِيرُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

ثَانِيهِمَا - أَنَّهُ يُوجَدُ فِي قَلْعِ الزَّرْعِ أَبْطَالٌ لِمِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ وَفِي تَرْكِهِ تَأْخِيرُ حَقٍّ لِلْمُعِيرِ أَيْ تَأْخِيرُ تَصَرُّفِهِ وَبِمَا أَنَّ الْقَرَارَ الْأَوَّلَ أَشَدُّ مِنْ الثَّانِي فَيَجِبُ أَنْ يُعَارَ إلَى الثَّانِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٩) .

اخْتِلَاف الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ: يَلْزَمُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ عَقْدُ الْإِيجَارِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُعِيرُ الْأَرْضَ لِلْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ.

لَكِنْ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الطَّرَفَانِ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ يُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ وَيُقَدِّرُ الْأُجْرَةَ بِإِخْبَارِ أَهْلِ الْوُقُوفِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَجِّرْ الْمُعِيرُ وَالْحَاكِمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أُجْرَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٩٦) . وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلَوْ لَمْ تُعْقَدْ إجَارَةٌ.

مَعْنَى عَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ هُنَا: وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلْمُعِيرِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ وَمُرْتَبِطٌ بِنَفْيِ الِاسْتِرْدَادِ حَصْرًا وَلَيْسَ لِنَفْيِ الرُّجُوعِ وَالِاسْتِرْدَادِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٠٦) أَنَّ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِعَارَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ، وَلَوْ كَانَ فِي رُجُوعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ تَبْطُلُ الْإِعَارَةُ بِالرُّجُوعِ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتَبْقَى الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ بُطْلَانِ الْإِعَارَةِ بِالرُّجُوعِ وَبَيْنَ إبْقَائِهَا فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ.

وَالْمُعِيرُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَوْ قَالَ: إنَّنِي أَتَمَلَّكُ الزَّرْعَ بِعَطَاءِ الْمُسْتَعِيرِ مِثْلَ الْبِذَارِ وَمَصَارِيفِهِ وَيُسَلِّمُنِي الْمُسْتَعِيرُ أَرْضًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبِذَارُ نَابِتًا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ الْبِذَارَ قَبْلَ النَّبَاتِ مُسْتَهْلَكٌ وَمَعْدُومٌ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٠٥) إذَا كَانَ نَابِتًا وَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ رَاضِيًا بِذَلِكَ جَازَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَيْسَ لِلْمُعِيرِ فِيهَا اسْتِرْدَادُ الْمُسْتَعَارِ.

لَيْسَ لِلْمُعِيرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ اسْتِرْدَادُ الْمُسْتَعَارِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ. فَلَوْ أَعَارَ الْمُعِيرُ زِقًّا لِوَضْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>