للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ ثَمَّةَ مَانِعٌ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

٧ - بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ، وَفِي هَذَا حُكْمَانِ:

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: عَدَمُ لُزُومِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَتَوَلَّى طَرَفَاهُ شَخْصٌ وَاحِدٌ أَيْ يَتَوَلَّى فِيهِ طَرَفٌ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مَعًا يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

هَذَا إذَا كَانَ عَاقِدُ الْعَقْدِ يُوجِبُ الْعَقْدَ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ تَعْبِيرًا يَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ بِالْأَصَالَةِ لِذَلِكَ.

وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فِي يَدِهِ أَوْ عِنْدَ مُسْتَوْدَعِهِ أَوْ مُسْتَعِيرِهِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: وَهَبْت، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَبُولِ لِتَمَامِ الْهِبَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لَمَّا كَانَ فِي قَبْضِ الْأَبِ نَابَ مَنَابَ قَبْضِ الصَّغِيرِ.

إذْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ قَبْضُ أَبِي الصَّغِيرِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .

مَثَلًا لَوْ قَالَ الْأَبُ: إنَّ دُكَّانِي الْفُلَانِيَّةَ الْمَمْلُوكَةَ هِيَ لِابْنِي الصَّغِيرِ كَانَ ذَلِكَ هِبَةً فَإِذَا كَانَتْ الدُّكَّانُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْأَبِ تَمَّتْ الْهِبَةُ كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَنْزِلَهُ الَّذِي فِي دِيَارٍ أُخْرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَشْهَدَ الْحَاضِرِينَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى ذَلِكَ تَمَّتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ (الْقُنْيَةِ وَفَتْوَى يَحْيَى أَفَنْدِي) .

وَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَصْنَعَ أَحَدٌ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَثْوَابًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَهَبَهَا بِآخَرَ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَيَّنَ وَقْتَ صُنْعِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا أَنَّهَا عَارِيَّةٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْعُرْفُ وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ قَصْدُ الصِّلَةِ وَالْإِحْسَانِ وَمَعَ ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَارِيَّةً، فَلَوْ بَيَّنَ وَقْتَ صُنْعِهَا أَنَّهَا عَارِيَّةٌ كَانَتْ عَارِيَّةً وَإِلَّا كَانَتْ هِبَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣٦) وَشَرْحَهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَخَذْت هَذَا الْمَالَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ فَكَمَا أَنَّ الصَّغِيرَ يَمْلِكُهُ فَلَوْ أَخَذَ لَهُ دَسْتًا مِنْ الثِّيَابِ وَفَصَّلَهَا لَهُ تَمَّتْ الْهِبَةُ (الْقَرَوِيُّ) وَلَا يَمْنَعُ تَمَامُ الْهِبَةِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَوْنَ الْمَوْهُوبِ مَشْغُولًا أَوْ مُشَاعًا. فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُهَا لِطِفْلِهِ أَوْ الَّتِي وَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَتَهُ أَوْ الَّتِي يَسْكُنُهَا آخَرُ بِلَا أُجْرَةٍ أَيْ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ أَوْ أَرْضَهُ الْمَزْرُوعَةَ إعَارَةً أَوْ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْمِلْكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ أَوْ بُسْتَانِهِ الَّذِي فِي أَرْضٍ أَمِيرِيٍّ أَوْ كُرُومَهُ مَلَكَ الطِّفْلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ إيجَابِهِ، لِأَنَّ الْبُسْتَانَ وَالْأَرْضَ لَمَّا كَانَا فِي قَبْضِ الْأَبِ فَهُمَا فِي حُكْمِ قَبْضِ الطِّفْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْهِبَةِ وُجُودُ أَمْتِعَةِ الطِّفْلِ فِي الدَّارِ بَلْ يُقَرِّرُهَا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ عَلِيٌّ أَفَنْدِي الزَّيْلَعِيّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .

رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارِ وَالْأَبُ سَاكِنُهَا جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْهِنْدِيَّةُ بِاخْتِصَارِ) .

الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ أَوْ وَدِيعَةً فِي يَدِ آخَرَ فَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُهِبَ شَيْءٌ لِطِفْلٍ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ هَؤُلَاءِ إيَّاهُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٤٢) وَبِمَا أَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُ الْمَوْهُوبِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٤٦) وَلَا يَلْزَمُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ فَلَا لُزُومَ لِقَبْضٍ آخَرَ (الْهِدَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْإِنْسَانِ مَالَهُ بِمَا أَنَّهُ قَبْضٌ وَبِمَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>