للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلًا: لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مَهْرَهَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا لِابْنِهَا مِنْهُ وَسَلَّطَتْ زَوْجَهَا عَلَى قَبْضِهِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ أَمَّا لَوْ أَفْرَزَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبَضَهُ لِلصَّغِيرِ تَتِمُّ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ. وَفِي الْقُنْيَةِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّسْلِيطِ عَلَى الْقَبْضِ كَمَا لَا حَاجَةَ لِلْإِفْرَازِ وَالْقَبْضِ (الْحَمَوِيُّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ) . وَصَارَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً بِقَبْضِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الطِّفْلِ لِلْوَلِيِّ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (٩٧٤) وَقَبْضُ الْهِبَةِ أَيْضًا مِنْ بَابِ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. وَتَتِمُّ الْهِبَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ (الزَّيْلَعِيّ) .

وَالْوَلِيُّ الْمَقْصُودُ هُنَا تِسْعَةُ أَشْخَاصٍ وَهُمْ: (١) الْأَبُ (٢) وَصِيُّ الْأَبِ (٣) وَصِيُّ وَصِيِّ الْأَبِ (٤) الْجَدُّ أَيْ أَبُو الْأَبِ (٥) وَصِيُّ الْجَدِّ (٦) وَصِيُّ وَصِيِّ الْجَدِّ (٧) الْقَاضِي (٨) وَصِيُّ الْقَاضِي (٩) وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَوِلَايَةُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْضًا. فَمَتَى كَانَ وَصِيُّ الْأَبِ مَوْجُودًا مَثَلًا فَلَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ. وَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَصِيَّهُ وَأَبَاهُ فَالْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ أَوْلَى فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ أَبِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ) .

مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ لِصَغِيرٍ مَالًا وَأَبُو الصَّغِيرِ مَوْجُودٌ وَقَبَضَ جَدُّ الصَّغِيرِ أَيْ أَبُو أَبِيهِ الْهِبَةَ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ. إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ فِي عِيَالِ هَذَا الْجَدِّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْأَوْلِيَاءِ الْمُؤَخَّرِينَ عَنْ الْأَبِ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ الْقَاعِدِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٣) .

وَالْمَقْصُودُ مِنْ (مَوْجُودٌ) هُوَ الْحُضُورُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْأَبُ غَائِبًا غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْغَائِبُ بَاعِثٍ عَلَى تَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الصَّغِيرِ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَتَتِمُّ الْهِبَةُ أَيْضًا بِقَبْضِ الْمُرَبِّي؛ لِأَنَّ الْمُرَبِّيَ لَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِحِفْظِ الطِّفْلِ لِثُبُوتِ يَدِهِ كَمَا أَنَّ تَحْصِيلَ الْمَالِ اللَّازِمِ لِلْأَكْلِ وَالْكِسْوَةِ هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحِفْظِ فَلِذَلِكَ لِلْمُرَبِّي وِلَايَةٌ عَلَى الصَّغِيرِ فِي التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَإِذَا تُوُفِّيَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُحَرَّرَةُ دَرَجَاتُهُمْ آنِفًا أَوْ غَابُوا غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً فَقَبْضُ الْمُرَبِّي كَافٍ وَلَكِنْ هَلْ يَكْفِي قَبْضُ الْمُرَبِّي فِي حَالَةِ وُجُودِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كالنرجندي، وَالْقُهُسْتَانِيِّ، والولوالجية جِهَةَ كَوْنِهِ كَافِيًا وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ وَيُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ بَيَّنَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ هَذَا التَّصْحِيحِ لِكَوْنِ قَاضِي خَانْ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُعْتَمَدِ عَلَى أَقْوَالِهِمْ لِمَزَايَاهُ الْعِلْمِيَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ: فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ سَوَّى بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَبِ وَالِابْنِ وَالْجَدِّ وَالْأَخِ وَقَالُوا: يَجُوزُ قَبْضُ هَؤُلَاءِ عَنْ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِمْ وَإِذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا الْفَتْحُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالصَّحِيحُ وَبِهِ يُفْتِي (الطَّحَاوِيَّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>