للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُؤَالٌ: عَقْلُ الصَّبِيِّ إمَّا مُعْتَبَرٌ أَوْ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا يَلْزَمُ أَلَّا تَتِمَّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ.

وَإِذَا كَانَ مُعْتَبَرًا فَيَقْتَضِي أَلَّا يُعْتَبَرَ قَبْضُ خَلَفِهِ أَيْ وَلِيِّهِ مَا دَامَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ؟

جَوَابٌ: إنَّ عَقْلَهُ مُعْتَبَرٌ فِي النَّفْعِ الْمَحْضِ وَإِذَا اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ مَعَ خَلَفِهِ فَيَكُونُ قَدْ فُتِحَ بَابٌ لِتَحْصِيلِ الْمَنْفَعَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِمَا أَنَّ فِي هَذَا تَوْفِيرًا لِلْمَنْفَعَةِ فَهُوَ جَائِزٌ (الْعَيْنِيُّ) .

إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - الْمُمَيِّزُ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مِنْ وَجْهٍ إذْ الْحُكْمُ فِي الْمُمَيِّزَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. لَكِنْ قَدْ اكْتَفَى الْفُقَهَاءُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِذِكْرِ الرَّجُلِ وَاحْتِرَازِيٌّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَيُحْتَرَزُ فِيهِ عَنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَعَلَيْهِ لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ (الْحَمَوِيُّ) وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلِيُّهُ أَوْ مُرَبِّيهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

٢ - نَافِعٌ. هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لِلصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرَ نَافِعٍ كَأَنْ كَانَ تُرَابًا فِي بَيْتِ الْوَاهِبِ مَا إذَا بِيعَ فِي مَحِلِّهِ لَا يُسَاوِي شَيْئًا وَإِذَا نُقِلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ يَحْتَاجُ لِمَئُونَةٍ تَزِيدُ عَلَى فَائِدَتِهِ مَا تُوجِبُ ضَرَرَ الصَّغِيرِ فَالْهِبَةُ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَيُرَدُّ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ وَيُتْرَكُ لَهُ (الْحَمَوِيُّ) .

كَذَلِكَ لَوْ وُهِبَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ شَيْءٌ يَحْتَاجُ لِلْإِنْفَاقِ وَلَا نَفْعَ لَهُ كَأَنْ يُوهَبُ لِلصَّغِيرِ حِمَارٌ أَعْمَى فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْهِبَةِ وَتُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ (أَبُو السُّعُودِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .

٣ - الْهِبَةُ: وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. لَكِنْ يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ الْمَدْيُونُ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي أَدَائِهِ الدَّيْنَ لِلصَّغِيرِ إلَّا أَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ لَا يُقَاسُ عَلَى الْهِبَةِ (الْحَمَوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٩٦) .

٤ - وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ: يُشَارُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ أَيْ بِعِبَارَةِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ كَمَا تَتِمُّ أَيْضًا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ أَوْ مُرَبِّيهِ وَعَلَيْهِ فَلِتَحْصِيلِ النَّفْعِ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ طَرِيقَانِ وَتَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ تَوَفَّرَتْ الْمَنْفَعَةُ الْعَائِدَةُ لِلصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) .

٥ - بِقَبُولِهِ إيَّاهُ وَقَبْضِهِ: فَكَمَا أَنَّ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَقْبَلَ مَا يُوهَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا رَدَّهُ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ رُدَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّدَّ بِمَا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلصَّغِيرِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ أَنْ يَمْلِكَ الرَّدَّ (الْحَمَوِيُّ فِي الْهِبَةِ) .

سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلصَّغِيرِ حَقُّ الْقَبُولِ عِنْدَ إيجَابِ الْهِبَةِ أَلَّا يَكُونُ رَدُّهُ قَدْ أَدَّى إلَى إبْطَالِ هَذَا الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهُ.

؟ الْجَوَابُ: إنَّ حَقَّ الْقَبُولِ لَيْسَ حَقًّا مَالِيًّا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ.

أَمَّا إذَا وُهِبَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مَالٌ وَرَدَّ وَلِيُّهُ هَذِهِ الْهِبَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّدَّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَيْسَ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّدِّ بِمَعْنَى تَمَامِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُولِ. وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَوْ رَدَّ الْوَلِيُّ الْمَذْكُورُ الْهِبَةَ وَقَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ الْهِبَةَ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ كَانَ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>