للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْمَوْهُوبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لَا يَكُونُ فِيهَا لِلْوَاهِبِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: كَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَالٍ أَبَدًا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ أَوْ يَكُونَ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ آخَرَ مَيْتَةً وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا كَانَتْ بَاطِلَةً وَكَمَا أَنَّ هِبَةَ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ فَإِعْطَاءُ الْعِوَضِ فِي هِبَةٍ كَهَذِهِ بَاطِلٌ أَيْضًا، كَذَلِكَ الْمُعَاوَضَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِ فِي الْخَمْرِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَيْسَتْ جَائِزَةً، سَوَاءٌ كَانَ مُعْطِي الْخَمْرِ عِوَضًا الْمُسْلِمُ أَوْ غَيْرُ الْمُسْلِمِ لَكِنْ تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَيْنَ غَيْرِ مُسْلِمِينَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ غَيْرُ مُسْلِمٍ لِمُسْلِمٍ مَالًا وَأَعْطَاهُ الْمُسْلِمُ خَمْرًا عِوَضًا فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

الْوَجْهُ الثَّانِي - يَكُونُ الْمَوْهُوبُ مَالًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ نُقُودًا لِآخَرَ قَرْضًا أَوْ أُجْرَةً فِي مُقَابِلِ عَمَلٍ وَوَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ النُّقُودَ وَهِيَ لَا تَزَالُ فِي يَدِهِ عَيْنًا لِمَنْ أَعْطَاهُ إيَّاهَا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ حَتَّى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ النُّقُودِ لَوْ رَجَعَ عَنْ هِبَتِهِ هَذِهِ (الْقَاعِدِيَّةُ) .

الْوَجْهُ الثَّالِثُ - يَكُونُ مَالًا لِلشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ. وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ كَمَا يَأْتِي.

فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ لِآخَرَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ زَوْجَ الْوَاهِبِ أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْكَبِيرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا يَصِحُّ أَيْ لَا يَنْفُذُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩٦) ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ أَحَدٍ مَالًا يَمْلِكُهُ مُحَالٌ (الْهِنْدِيَّةُ) .

وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ أَشْيَاءَ زَوْجَتِهِ بِدُونِ إذْنِهَا لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَلَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ تِلْكَ الْهِبَةَ فَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ.

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلِلِابْنِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْهِبَةَ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) .

وَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي هَاتَيْنِ الْهِبَتَيْنِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَاهِبَ أَوْ الْمَوْهُوبَ لَهُ.

وَكَذَا إذَا حَوَّلَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الْمَطْلُوبَ مِنْ آخَرَ لِدَائِنِهِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً وَقَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ وَهَبَ الدَّائِنُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْمَدِينِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٩٢) .

لَكِنْ كَمَا تَصِحُّ هِبَةُ أَحَدٍ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ ابْتِدَاءً يَعْنِي هِبَتَهُ مَالَ غَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ تَصِحُّ هِبَةُ مَالِ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ إذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ تَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٤٥٣) كَمَا فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣٨٨) لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي وَقْتِ الْإِجَازَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ قِيَامُ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُجِيزِ وَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ.

قَدْ اسْتَعْمَلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (١٠٦) لَفْظَ الصَّحِيحَ مُقَابِلًا لِلنَّافِذِ وَفِي الْمَادَّةِ (١٠٨) قَدْ اسْتَعْمَلَتْ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ فِي مَعْنًى شَامِلٍ لِلنَّافِذِ أَيْضًا وَهُنَا قَدْ اسْتَعْمَلَتْهُ فِي مَعْنَى النَّافِذِ فَقَطْ.

وَالْهِبَةُ الَّتِي تَنْعَقِدُ وَتَنْفُذُ بِتِلْكَ الْإِجَازَةِ تَقَعُ مِنْ طَرَفِ صَاحِبِ الْمَالِ أَيْ الْمُجِيزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>