للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ وَالْآخَرُ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أُخْرَى أَيْ كَانَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ فِي الدِّينِ أَوْ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ كَمَا أَشَرْنَا إلَى ذَلِكَ شَرْحًا وَكَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْمَادَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِوَكِيلِ أَخِيهِ الْمُعَيَّنِ لِلِاتِّهَابِ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالْعَقْدَ وَاقِعَانِ لِأَخِيهِ (الْقُنْيَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٦٠) .

أَمَّا الْهِبَةُ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ أَيْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ فَلَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الرُّجُوعِ وَذَوُو الرَّحِمِ غَيْرِ، الْمُحَرَّمِ كَابْنِ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَابْنِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ، وَابْنِ الْخَالِ وَبِنْتِ الْخَالِ، وَابْنِ الْخَالَةِ، وَبِنْتِ الْخَالَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِ عَمِّهِ شَيْئًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فِي أَوْلَادِ الْعَمَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِ خَالِهِ شَيْئًا فَكَمَا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ لِأَوْلَادِ الْخَالَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ قَرَابَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَحْرِيمَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمْ (الْهِدَايَةُ) .

كَذَا إذَا وَهَبَ شَيْئًا لِأَيِّ رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِغَيْرِ النَّسَبِ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِلرُّجُوعِ، فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِابْنِ عَمِّهِ نَسَبًا وَأَخِيهِ رَضَاعًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَا رَحِمٍ لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمِّهِ وَمَحْرَمًا لِكَوْنِهِ أَخَاهُ رَضَاعًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ التَّحْرِيمَ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ بَلْ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ النَّسَبِ وَهُوَ الرَّضَاعُ.

وَكَذَا قَرَابَةُ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالسَّبَبِ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ كَالْقَرَابَةِ رَضَاعًا أَوْ كَالْقَرَابَةِ مُصَاهَرَةً كَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ وَزَوَاجِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) .

فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ فِي الرَّضَاعِ أَوْ لِحَمَاتِهِ أَوْ لِابْنِ زَوْجِهِ أَوْ ابْنِ زَوْجَتِهِ أَوْ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ أَوْ زَوْجَةِ ابْنِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ.

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ كُلَّ أَشْيَائِهِ لِرَبِيبِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ (مِنْقَارِي زاده) .

وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْهِبَةِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ الْهِبَةُ الصَّحِيحَةُ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالرَّحِمِ وَسَائِرِ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٥٨) لَمَّا كَانَتْ مَضْمُونَةً بَعْدَ الْهَلَاكِ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَالِاسْتِرْدَادِ قَبْلَ الْهَلَاكِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ لِوَلَدِهِ وَسَلَّمَهَا لَهُ شَائِعَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْهِبَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

مُلَخَّصُ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ: قَدْ جَمَعَ الْفُقَهَاءُ مَوَانِعَ الرُّجُوعِ السَّبْعَةَ عَنْ الْهِبَةِ فِي حُرُوفِ (دمع خزقه) فَالدَّالُ إشَارَةٌ إلَى الزِّيَادَةِ وَسَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (٨٦٩) وَالْمِيمُ إشَارَةٌ إلَى مَوْتِ أَحَدٍ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ سَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (٨٧٢) وَالْعَيْنُ إشَارَةٌ إلَى الْعِوَضِ وَسَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (٨٦٨) وَالْخَاءُ.

إشَارَةٌ إلَى خُرُوجِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٧٠) وَالزَّايُ، إشَارَةٌ إلَى الزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ مَسْطُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>