للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فَقَالَ لَهُ الْمَوْهُوبُ: أَعْطَيْتُك عِوَضًا وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا اجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ مَجَّانًا رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (عَبْدُ الرَّحِيمِ) .

كَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنَّهَا هِبَةٌ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا وَالْعِوَضُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَالْوَاهِبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ صَدَّقَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَقَبَضَ الْمِقْدَارَ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَوْهُوبَ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَوْهُوبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى الْوَاهِبُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ، عَنْ كُلِّ هِبَتِهِ وَقَبَضَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْإِعْطَاءُ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ جَانِبِ شَخْصٍ آخَرَ أَيْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ وَأَمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِلَا إذْنِهِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ هِبَتِهِ.

يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ الْعِوَضِ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِ الْوَاهِبِ صَحِيحٌ وَهَذَا يُسْقِطُ حَقَّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمَّا كَانَ سَالِمًا لِلْوَاهِبِ فَلَا يَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ التَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ أَيْضًا الرُّجُوعُ عَنْ عِوَضِهِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ الَّذِي أَعْطَاهُ مِنْ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ الْمَذْكُورَ قَدْ كَانَ مُتَبَرِّعًا مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ (الدُّرَرُ، نُوحٌ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِطَلَبِ بَدَلِهِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْعِوَضَ بِإِذْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَمْرِهِ أَوْ بِلَا إذْنِهِ وَأَمْرِهِ (الْبَحْرُ، وَالدُّرَرُ) ، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ أَعْطَاهُ بِلَا أَمْرٍ ظَاهِرٍ وَإِذَا أَعْطَاهُ بِأَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْقَاعِدَةَ فِي الرُّجُوعِ هُوَ:

إذَا كَانَ أَحَدٌ مُطَالَبًا بِحَبْسِ شَيْءٍ وَمُلَازَمَتِهِ كَالدَّيْنِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ فَلَوْ أَمَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الشَّخْصَ الْآخَرَ بِأَدَاءِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِلَا شَرْطِ الضَّمَانِ كَانَ حَقُّ رُجُوعِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مُثْبَتًا أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا. مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْآمِرُ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ. وَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ الْأَمْرُ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَأَدَاءِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُطَالَبُ بِهِمَا لَكِنْ لَا بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ وَتَتَفَرَّعُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

١ - الْمَدْيُونُ إذَا أَمَرَ الْمَدِينُ شَخْصًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ فَأَدَّاهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدِينِ بِمَا أَدَّاهُ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ الضَّمَانُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٥٥٦) . (أَبُو السُّعُودِ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ وَالْخَانِيَّةُ) .

٢ - لَوْ أُمِرَ أَحَدٌ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَأَنْفَقَ الْآخَرُ عَلَيْهِمْ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى آمِرِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٥٠٨) .

وَعَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ بِالتَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ فَأَمْرُهُ بِالتَّعْوِيضِ لَيْسَ مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ. وَإِنَّمَا يُصْرَفُ الْأَمْرُ الْمَذْكُورُ إلَى التَّبَرُّعِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ ضَمَانًا إلَّا إذَا شُرِطَ الضَّمَانُ (الْعِنَايَةُ) فَلَوْ أَمَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيَّ بِقَوْلِهِ: أَعْطِ الْعِوَضَ عَلَى أَنْ أَكُونَ ضَامِنًا وَأَعْطَى

<<  <  ج: ص:  >  >>