للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ عَنْ هِبَتِهِ سَوَاءٌ أَرَجَعَ بِالرِّضَاءِ أَمْ بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٤) (الْأَنْقِرْوِيُّ، وَعَزْمِي زَادَهْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الرُّجُوعَ فَسْخٌ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٦٤) وَلَيْسَ عَقْدًا جَدِيدًا

[ (الْمَادَّةُ ٨٧١) اسْتِهْلَاك الْمَوْهُوب فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ]

(الْمَادَّةُ ٨٧١) إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَبْقَى لِلرُّجُوعِ مَحِلٌّ.

هَلَاكُ الْمَوْهُوبِ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ. يَعْنِي إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ اسْتِهْلَاكًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا فَلَا مَحِلَّ لِلرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَهْلَكِ. أَمَّا إذَا وُجِدَ قِسْمٌ غَيْرُ مُسْتَهْلَكٍ فَيُمْكِنُ الرُّجُوعُ بِهِ يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَاهِبِ تَضْمِينُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَدَلَ الْمَوْهُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ. سَوَاءٌ اسْتَهْلَكَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَمْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُهُ أَمْ تَلِفَ بِنَفْسِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْهَلَاكِ لَا يَلْزَمُ أَيْضًا تَضْمِينُ بَدَلِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ (الزَّيْلَعِيّ) وَالْهَلَاكُ أَوَّلًا، يَكُونُ حَقِيقِيًّا وَهَذَا يَحْصُلُ بِتَلَفِ عَيْنِ الْمَوْهُوبِ كَأَكْلِ وَذَبْحِ الشَّاةِ. ثَانِيًا، يَكُونُ حُكْمِيًّا وَيَكُونُ ذَلِكَ بِتَلَفِ عَامَّةِ مَنَافِعِ الْمَوْهُوبِ مَعَ بَقَائِهِ وَوُجُودِهِ كَجَعْلِ السَّيْفِ الْمَوْهُوبِ سِكِّينًا وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ الْمَوْهُوبَةِ دَقِيقًا أَوْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ وَجَعْلِهَا حَطَبًا أَوْ عَمَلِ التُّرَابِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الرَّمْلِ طِينًا أَوْ خَلْطِ خَمْسَةِ رِيَالَاتٍ مَوْهُوبَةٍ بِأُخْرَى مِثْلِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٦٩) (الْقُهُسْتَانِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَيُفْهَمُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

اخْتِلَافُ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ: وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ بِتَلَفِ الْمَوْهُوبِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَاهِبِ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٧٣) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ. فَأَصْبَحَ مُشَابِهًا لِلْمُسْتَوْدِعِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَعَدَمُ لُزُومِ الْيَمِينِ نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يُخْبِرُ عَنْ تَلَفِ مَالِهِ.

أَمَّا إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فَلَهُ يُحَلِّفُ الْمَوْهُوبَ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ هُوَ لَيْسَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ (ابْنُ نُجَيْمٍ) .

كَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْوَاهِبُ دَعْوَى الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ أَخُو الْوَاهِبِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٨٦٦) فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ عِنْدَ الْإِنْكَارِ تَحْلِيفُ الْوَاهِبِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَخًا لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا هُنَا النَّسَبُ بَلْ الْمَقْصُودُ الْمَالُ الَّذِي هُوَ مُسَبَّبُ النَّسَبِ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ فِي ذَلِكَ هُوَ الْمَالُ وَلَيْسَ النَّسَبُ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ هِبَتِهِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ إعْطَاءَهُ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَعْطَيْتَنِي، إيَّاهُ صَدَقَةً وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ مُمَلِّكٌ فَتُعْرَفُ جِهَةُ التَّمْلِيكِ مِنْهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ ذِكْرِ الْمَوْهُوبِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْ الْمَوْهُوبِ التَّالِفِ فِيمَا إذَا تَلِفَ كُلُّهُ كَمَا أَنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>