للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلًا: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَنْزِلَهُ الْمِلْكَ مِنْ أُمِّهِ فِي مُقَابِلِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ الثَّمَنَ لِأُمِّهِ الْمَذْكُورَةِ وَتُوُفِّيَ فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ أَوْ الْمُدَاخَلَةُ فِي الدَّارِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - لِلْمَدْيُونِ، هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ وَقَبَضَهُ فَلِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادُ الْمَقْبُوضِ الَّذِي فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالرُّجُوعِ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هِيَ تَمْلِيكٌ لِلْعَيْنِ وَلَيْسَتْ بِإِسْقَاطِ دَيْنٍ (أَبُو السُّعُودِ) .

٢ - مُنَجِّزًا، هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ فَلَوْ وَهَبَ هِبَةً مُعَلَّقَةً تَكُونُ الْهِبَةُ بَاطِلَةً. يَعْنِي أَنَّ ذِكْرَ وَإِنْشَاءَ هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ مُعَلَّقَةٌ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَلْيَكُنْ دَيْنِي لَك أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ، أَوْ إذَا أَعْطَيْت نِصْفَهُ فَلْيَكُنْ النِّصْفُ الْآخَرُ لَك أَوْ هُوَ لَك كَانَ بَاطِلًا أَمَّا الْإِبْرَاءُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ هُوَ وَإِنْ يَكُنْ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطًا لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبُولِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ تَمْلِيكٌ لِرَدِّهِ بِالرَّدِّ وَلَمَّا كَانَ التَّعْلِيقُ يَصِحُّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ كَالطَّلَاقِ وَلَا يَصِحُّ فِي التَّمْلِيكَاتِ وَفِي الْإِسْقَاطَاتِ مِنْ وَجْهٍ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطِ (الْعِنَايَةِ) .

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ بِالشَّرْطِ التَّعْلِيقِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ صَحِيحَةً إلَّا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِالشَّرْطِ التَّقْيِيدِيِّ. فَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونِهِ: إنَّكَ بَرِيءٌ مِنْ نِصْفِ دَيْنِي بِشَرْطِ أَنْ تُؤَدِّيَنِي، النِّصْفَ الْآخَرَ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ شَرْطًا تَعْلِيقِيًّا بَلْ هُوَ شَرْطٌ تَقْيِيدِيٌّ (أَبُو السُّعُودِ)

[ (الْمَادَّةُ ٨٧٤) الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ]

(الْمَادَّةُ ٨٧٤) - (لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ) .

سَوَاءٌ أَوُجِدَ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ أَمْ لَمْ يُوجَدْ (إصْلَاحُ الْإِيضَاحِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَصَدِّقَ يَنَالُ فِي مُقَابِلِ الصَّدَقَةِ ثَوَابًا فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْعِوَضُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ.

سُؤَالٌ: إنَّ حُصُولَ الثَّوَابِ عَلَى عَمَلِ الْخَيْرِ كَالصَّدَقَةِ هُوَ فَضْلٌ وَإِحْسَانٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى اللَّهِ كَمَا يَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ فَكَانَ حُصُولُ الثَّوَابِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ وَمَجْزُومٍ بِهِ وَلِذَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ.

الْجَوَابُ: الْمُرَادُ بِالثَّوَابِ حُصُولُ الْوَعْدِ بِالثَّوَابِ. وَهَذَا عِوَضٌ (أَبُو السُّعُودِ، الْعِنَايَةُ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالثَّوَابُ مَقْطُوعٌ بِحُصُولِهِ فِي الدَّارِ الْأَخِيرَةِ. وَلَا شُبْهَةَ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. (سَعْدِي جَلَبِ) .

الصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: (١) الصَّدَقَةُ لَفْظًا وَمَعْنًى كَإِعْطَاءِ الْفَقِيرِ مَالًا بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ (٢) الصَّدَقَةُ مَعْنًى فَقَطْ كَإِعْطَاءِ مَالٍ لِلْفَقِيرِ أَيْ الْمُحْتَاجِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِلسَّائِلِ أَوْ الْمُحْتَاجِ مَالًا عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى كَوْنِهِ صَدَقَةً فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ اسْتِحْسَانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .

(٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>