للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ عَدْلٍ وَيُحَافِظُ عَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

أَمَّا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَقَبِلَ الْقِيمَةَ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهُ فِي زَمَانِ غَصْبِهِ إيَّاهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرُّجُوعُ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ، الْبَزَّازِيَّةُ) .

شَرْطُ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ الثَّانِي بِالرَّدِّ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ: إنَّ بَرَاءَةَ الْغَاصِبِ الثَّانِي بِرَدِّهِ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَوْ بَدَلَهُ مَشْرُوطَةٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْضُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَاسْتِرْدَادُهُ مَعْرُوفَيْنِ.

وَيَثْبُتُ كَوْنُ قَبْضِهِ مَعْرُوفًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) .

أَمَّا إقْرَارُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ قَبْضِهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحَقِّ الْغَاصِبِ الثَّانِي أَيْ: بِشَأْنِ عَدَمِ مُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الْحَقَّ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِدَعْوَى الرَّدِّ بِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْهُ لَا يُصَدَّقُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .

وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مُخَيَّرُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (٩١٠) وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ (الْخَانِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ) .

وَعَلَيْهِ فَإِذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ رَجَعَ الْآخَرُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِالشَّيْءِ الْمَقْبُوضِ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ إيَّاهُ أَوَّلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٨) إلَّا أَنَّ غَاصِبَ الْمُسْتَوْدَعِ مُخَالِفٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ.

فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَأَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ قَدْ أَعَادَهَا إلَيْهِ تَثْبُتُ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

وَإِذَا رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ الِاثْنَانِ.

وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مِنْ شَخْصَيْنِ مَرَّتَيْنِ.

مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ وَغَصَبَ مِنْهُ هَذِهِ الْفَرَسَ آخَرُ أَيْضًا ثُمَّ سَرَقَ صَاحِبُ الْفَرَسِ فَرَسَهُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْغَاصِبُ الثَّانِي تِلْكَ الْفَرَسَ جَبْرًا وَغَلَبَةً مِنْهُ وَبَقِيَ الْمَالِكُ عَاجِزًا عَنْ مُخَاصَمَتِهِ؛ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>