للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُقُوطِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَعُثُورِ أَحَدٍ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِضْرَارِهِ بِهِ - ضَمِنَ الْحَمَّالُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّ تَحْمِيلَ الْحِمْلِ عَلَى الظَّهْرِ وَالرَّأْسِ وَالْمُرُورَ بِهِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَكَذَلِكَ إطْلَاقُ الْبُنْدُقِيَّةِ عَلَى الْهَدَفِ أَوْ الصَّيْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَانِيَّةُ) .

وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَمَّالُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ الْحِمْلَ الْمَذْكُورَ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَمْ يَنْقَطِعْ أَثَرُ فِعْلِهِ بَعْدُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

مَثَلًا: لَوْ سَقَطَ الْحِمْلُ مِنْ فَوْقِ ظَهْرِ حَمَّالٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَعَثَرَ بِهِ، وَهُوَ لَا يَزَالُ فِي الطَّرِيقِ، إنْسَانٌ قَضَاءً وَتَلِفَتْ ثِيَابُهُ كَانَ ضَامِنًا.

؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ الْحِمْلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ إذْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ وُقُوعِ الْحِمْلِ فِي الطَّرِيقِ فِعْلٌ غَيْرُهُ (الْخَانِيَّةُ) .

إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - الطَّرِيقُ الْعَامُّ: يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ الْمُرُورِ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ وَدَارِ الْغَيْرِ.

الْمُرُورُ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلَاتٌ.

لَا يَجُوزُ الْمُرُورُ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ إذَا أُحِيطَتْ بِشَيْءٍ كَالْحَائِطِ أَوْ السِّيَاجِ أَوْ مَنَعَ صَاحِبُهَا مِنْ الْمُرُورِ مِنْهَا.

(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩٦) ؛ لِأَنَّ الْإِحَاطَةَ بِحَائِطٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمُرُورِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمُحَاطِ.

أَمَّا إذَا لَمْ تُحَطْ بِحَائِطٍ وَلَمْ يَمْنَعْ صَاحِبُهَا مِنْ الْمُرُورِ مِنْهَا وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ طَرِيقٌ غَيْرُهَا، وَكَانَ الْمَارُّ وَاحِدًا فَيُمْكِنُهُ الْمُرُورُ وَإِذَا كَانَ جَمَاعَةً؛ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ.

كَذَلِكَ إذَا كَانَ هُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرُ فَلَا يَحِلُّ الْمُرُورُ مِنْهُ أَيْضًا.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْقَاسِم أَنَّهُ إذَا ضَلَّ أَحَدٌ طَرِيقَهُ فَلَهُ الْمُرُورُ مِنْ الزَّرْعِ بِشَرْطِ أَلَّا يُتْلِفَ الزَّرْعَ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

دُخُولُ دَارِ الْغَيْرِ: يُحْظَرُ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحَظْرِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا سَقَطَ ثَوْبٌ لِأَحَدٍ فِي دَارِ آخَرَ وَخَافَ إذَا أَخْبَرَ صَاحِبَ الدَّارِ بِالْأَمْرِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَجْحَدَهُ فَلَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَ بِذَلِكَ بَعْضَ الصَّالِحِينَ فَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ خَطَفَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَفَرَّ وَدَخَلَ إلَى بَيْتِهِ وَلَحِقَ بِهِ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَهُ دُخُولُ مَنْزِلِهِ مِنْ دُونِ إذْنِهِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي دَارِ آخَرَ مَجْرَى لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الْعِمَارَةِ وَالْإِصْلَاحِ وَلَمْ يُمَكِّنْ صَاحِبُ الدَّارِ ذَلِكَ الشَّخْصَ مِنْ الدُّخُولِ لِلْمَجْرَى وَإِصْلَاحِهِ فَيُقَالُ لِرَبِّ الْبَيْتِ إمَّا أَنْ تُعْطِيَ صَاحِبَ الْمَجْرَى الْإِذْنَ بِدُخُولِ الدَّارِ لِيُصْلِحَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُصْلِحَهُ أَنْتَ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الْإِمَامَانِ: إنَّ لِصَاحِبِ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ الدُّخُولَ إلَيْهَا مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لِمُعَايَنَةِ الْمَحَالِّ الْمُحْتَاجَةِ لِلْعِمَارَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ دُخُولُهَا مِنْ دُونِ إذْنِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

٢ - الْحِمْلُ: هَذَا التَّعْبِيرُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ الرِّدَاءُ الَّذِي يَلْبَسُهُ أَحَدٌ أَوْ عِمَامَتُهُ فَأَضَرَّ بِمَالِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَى كُوبِ مَاءٍ لِآخَرَ فَكَسَرَهُ أَوْ سَقَطَ الرِّدَاءُ فَتَعَلَّقَ بِرِجْلَيْ أَحَدٍ فَعَثَرَ فَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>