للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُمَيِّزِ يَكُونُ لِلْمَعْتُوهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ يَكُونُ لِلسَّفِيهِ أَيْضًا، أَمَّا فِي الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ فَلَا يُوجَدُ.

وَرَدَ فِي الشَّرْحِ (بَابُ التِّجَارَاتِ) ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ بَابِ التِّجَارَاتِ لَا يَجْرِي فِيهَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَحْضَةِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ فَلَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى الْإِذْنِ وَإِذَا كَانَتْ ضَرَرًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَالْهِبَةِ فَيَجِبُ أَنْ تُعَدَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ أَيْ مُنْعَدِمَةً (الْعِنَايَةُ) .

كَذَلِكَ لَا يُفَكُّ الْحَجْرُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَيْ: لَا يَسْقُطُ الْحَجْرُ عَنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَعْتُوهِ فِيمَا عَدَا بَابِ التِّجَارَةِ مِنْ الْأَحْوَالِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦٧) - رَدُّ الْمُحْتَارِ.

وَتَعْرِيفُ الْإِذْنِ هَذَا مُعْتَبَرٌ فِي نَظَرِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ.

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَالْإِذْنُ عِبَارَةٌ عَنْ تَوْكِيلٍ وَإِنَابَةٍ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ هِيَ كَمَا يَلِي: إنَّ الْإِذْنَ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (٩٧٠) لَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يُتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَلَا بِمَكَانٍ وَلَا بِنَوْعٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ لَا يَقْبَلُ التَّوْقِيتَ.

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا فَيَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ بِهَا الْإِذْنُ عِنْدَهُمَا تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ.

وَالتَّوْكِيلُ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ حَسْبَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٤٥٦)

سُؤَالٌ: لَوْ كَانَ الْإِذْنُ إسْقَاطًا فَبِمَا أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٥١) فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ جَوَازِ الْحَجْرِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَجْرَ جَائِزٌ بَعْدَ الْإِذْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩٧٣) .

جَوَابٌ: الْإِذْنُ لَا يَكُونُ إسْقَاطًا فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ بَلْ إنَّ الْحَجْرَ بَعْدَ الْإِذْنِ هُوَ امْتِنَاعٌ عَنْ الْإِسْقَاطِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ: لَوْ أَعْطَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ إذْنًا وَبَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ عَشْرَةَ تَصَرُّفَاتٍ مَثَلًا عَادَ فَحَجَرَ عَلَيْهِ وَأَسْقَطَ الْإِذْنَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الْعَشَرَةِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ إسْقَاطٌ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ.

وَمَشْرُوعِيَّةُ الْإِذْنِ ثَابِتَةٌ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: ١٠] ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ لِلصَّغِيرِ إنَّمَا هِيَ إذْنٌ بِابْتِغَاءِ فَضْلِ اللَّهِ.

وَسَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهِ هُوَ الْحَاجَةُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ أَحْيَانًا فِي شُغْلٍ شَاغِلٍ عَنْ الِاتِّجَارِ فَيَحْتَاجُونَ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالصِّغَارِ

وَشَرْطُ الْإِذْنِ، كَوْنُ الْمَأْذُونِ يَعْقِلُ التَّصَرُّفَ وَيَقْصِدُهُ وَيَعْلَمُ كَوْنَهُ مَأْذُونًا وَكَوْنَ الْآذِنِ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ حَجْرًا وَإِطْلَاقًا مَنْعًا وَإِسْقَاطًا (الطُّورِيُّ) .

وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا الْمَسَائِلِ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا، لَا يُعْطَى الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ إذْنًا وَلَوْ أَعْطَيَاهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ.

ثَانِيًا: إذَا لَمْ يَلْحَقْ عِلْمُ الصَّغِيرِ بِمَأْذُونِيَّتِهِ فَلَا يُصْبِحُ مَأْذُونًا.

حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الصَّغِيرُ فَتَصَرَّفَ وَلَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ الْإِذْنِ فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا وَيَحْصُلُ عِلْمُ الصَّغِيرِ وَوُقُوفُهُ عَلَى مَا أُعْطِيَ مِنْ إذْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>