للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ لِصَيْرُورَتِهِ مُصْلِحًا يُسْأَلُ عَنْ الْوَدِيعَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِهَا فِي حَالِ حَجْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِهَا فِي حَالِ صَلَاحِهِ وَبَعْدَ الْفَكِّ فَيَضْمَنُ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ الْمَالَ الَّذِي أُعْطِيَ إلَيْهِ وَدِيعَةً فِي حَالٍ حَجْرِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ، فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُصْلِحًا (الْهِنْدِيَّةُ) .

[ (مَادَّةُ ٩٤٤) إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ]

(مَادَّةُ ٩٤٤) - (لَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ مُطْلَقًا يَعْنِي لَيْسَ لِإِقْرَارِهِ تَأْثِيرٌ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ وَالْحَادِثَةِ بَعْدَهُ)

يَصِحُّ الْحَجْرُ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَصِحُّ بِالْهَزْلِ وَالْإِكْرَاهِ وَفِي كُلِّ تَصَرُّفٍ مُحْتَمِلٍ لِلْفَسْخِ أَيْضًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٩٠) ، وَسَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٠٦) أَيْضًا.

وَعَلَيْهِ فَلَا يُفْتَحُ إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ لِآخَرَ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَيْنٍ مُطْلَقًا. يَعْنِي يَكُونُ إقْرَارُهُ بَاطِلًا أَسَاسًا وَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَتَصَرُّفَاتُهُ الْقَوْلِيَّةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩٩١) .

الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ. فَلَوْ قَالَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ، بَعْدَ أَنْ فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ لِصَلَاحِهِ: إنَّنِي أَقْرَرْتُ فِي حَالِ حَجْرِي بِإِنَّنِي اسْتَهْلَكْتُ مَالَ فُلَانٍ. وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَيْ صَاحِبُ الْمَالِ: إنَّكَ أَقْرَرْتَ فِي حَالِ صَلَاحِكَ. وَاخْتَلَفُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِمَا أَنَّهُ يُضِيفُ إقْرَارَهُ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ مُنْكِرٌ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَيْسَ بِمُقِرٍّ. كَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لِلْمُقِرِّ: إنَّكَ وَإِنْ أَقْرَرْتَ فِي حَالِ الْحَجْرِ وَالْفَسَادِ إلَّا أَنَّ إقْرَارَكَ حَقٌّ وَصَحِيحٌ، وَقَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ إقْرَارِي غَيْرُ حَقٍّ وَغَيْرُ صَحِيحٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمَالِ ثُمَّ صَلَحَ بِأَنْ صَارَ أَهْلًا، وَقَالَ: أَقْرَرْت بِهِ بَاطِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ قَالَ: كَانَ حَقًّا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ قَالَ: كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إقْرَارٌ بَعْدَ الصَّلَاحِ، فَلَا يَلْزَمُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطُّورِيُّ) . وَوَصْفُ السَّفِيهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (بِالْمَحْجُورِ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ السَّفِيهَ يَنْحَجِرُ بِمُجَرَّدِ طُرُوءِ السَّفَهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حُجِرَ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٥٨) .

وَيُفَسَّرُ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (مُطْلَقًا) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِإِقْرَارِهِ تَأْثِيرٌ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ وَالْحَادِثَةِ بَعْدَهُ. يَعْنِي أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ يَعُمُّ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، أَمَّا الْحَجْرُ عَلَى الْمَدِينِ فَيَنْحَصِرُ فِي مَالِهِ الْمَوْجُودِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٠٠١) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٥٩) وَيُفَسَّرُ هُنَا لَفْظُ (مُطْلَقًا) بِالتَّفْسِيرِ الْآتِي أَيْضًا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَثْنَاءَ حَجْرِهِ، كَمَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٠٠١) وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>