للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُون مُعَلَّقًا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي لِلسَّفِيهِ إنَّنِي أَطْلَقْتُك إذَا اكْتَسَبْتَ صَلَاحًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ وَالْإِطْلَاقَ مُسْقِطَانِ لِلْحَجْرِ. وَتَعْلِيقُ الْإِسْقَاطِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ (الطُّورِيُّ) وَالْإِذْنُ بِالْعُقُودِ الْمُكَرَّرَةِ فَكٌّ لِلْحَجْرِ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْقَاضِي السَّفِيهَ بَعْدَ أَنْ حَجَرَهُ إذْنًا بِبَيْعِ شَيْءٍ أَوْ شِرَائِهِ بِنَفْسِهِ وَبَاعَ السَّفِيهُ أَوْ اشْتَرَى جَازَ وَفُكَّ الْحَجْرُ. أَمَّا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي السَّفِيهَ بِبَيْعِ مَالٍ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فَكًّا لِلْحَجْرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُقَابِلَةٌ لِلْمَادَّةِ (٩٥٨) فَقَدْ جَاءَ فِيهَا (يُحْجَرُ السَّفِيهُ بِحَجْرِ الْحَاكِمِ) كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِنَفْسِهِ إذَا كَسَبَ السَّفِيهُ صَلَاحًا) إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٥٨) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيُحْجَرُ السَّفِيهُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ، فَإِذَا كَسَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ صَلَاحًا انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى فَكِّ الْحَاكِمِ لِحَجْرِهِ.

الْفَرْقُ بَيْنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَالْمَدِينِ الْمَحْجُورِ:

١ - إنَّ فَكَّ الْحَجْرِ عَنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي. أَمَّا الْمَدِينُ الْمَحْجُورُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ. كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٩٦١) . إذْ أَنَّ الْمَدِينَ الْمَحْجُورَ إذَا أَدَّى دَيْنَ الدَّائِنِ الَّذِي حُجِرَ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ ذَلِكَ الدَّائِنُ مِنْ الدَّائِنِ ارْتَفَعَ الْحَجْرُ عَنْهُ.

٢ - إقْرَارُ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ مُعْتَبَرٌ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ. وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا فِي وَقْتِ حَجْرٍ مُعْتَبَرٍ أَمَّا إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ فِي حَالِ حَجْرِهِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ سَوَاءٌ أَكَانَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمَالِ الْمَوْجُودِ أَمْ حَقِّ الْمَالِ الْحَادِثِ (الطُّورِيُّ) . صُورَةُ الدَّعْوَى: لَوْ طَلَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ فَكَّ حَجْرِهِ لِكَوْنِهِ كَسَبَ صَلَاحًا وَأَنْكَرَ خَصْمُهُ ذَلِكَ وَادَّعَى بَقَاءَ السَّفَهِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ، وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كِلَاهُمَا رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ بَقَاءِ السَّفَهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْأَشْبَاهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ قَدْ جَزَمَ بِتَرْجِيحِ بَيِّنَةِ زَوَالِ السَّفَهِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ أَمْرًا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا؛ وَلِأَنَّهَا تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ إبْقَاءُ مَا كَانَ، فَكَانَتْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا وَالْبَيِّنَاتُ شُرِّعَتْ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْحَجْرِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَالظَّاهِرُ الرُّشْدُ وَبَيِّنَةُ السَّفَهِ تُثْبِتُ خِلَافَهُ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>