للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِرْشًا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ شَفِيعٌ لِذَلِكَ الْعَقَارِ مِنْ دِيَارٍ أُخْرَى وَسَمِعَ بِالْبَيْعِ فَطَلَبَهُ بِالشُّفْعَةِ وَرَاعَى شَرَائِطَهَا بِتَمَامِهَا فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَوْ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) .

وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الْخَمْسِينَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . لَكِنْ لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، فَبِمَا أَنَّ حُضُورَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فِي الْمُحَاكَمَةِ شَرْطٌ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ حَقُّ مُخَاصَمَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِي غِيَابِهِ. أَمَّا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) .

وَقَدْ أُشِيرَ بِعِبَارَةِ " إلَّا بِعَقْدِ الْبَيْعِ " إلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ، (٢٣.١) .

وَالسَّبَبُ فِي تَفْسِيرِ عِبَارَةِ، (بِعَقْدِ الْبَيْعِ) بِجُمْلَةِ، (عِنْدَ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ) هُوَ: أَنَّ أَسْبَابَ الشُّفْعَةِ هِيَ الْحَالَاتُ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمَادَّةِ، (١٠٠٨) وَلَيْسَ الْبَيْعُ مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ، (الْهِنْدِيَّةُ) .

فَتَكُونُ الْمُعَاوَضَةُ الْمَالِيَّةُ مِنْ شَرَائِطِ الشُّفْعَةِ وَلَيْسَتْ أَحَدَ أَسْبَابِهَا.

[ (مَادَّةُ ١٠٢٢) الْهِبَة بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

(مَادَّةُ ١٠٢٢)(الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَ وَسَلَّمَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ لِآخَرَ بِشَرْطِ عِوَضٍ يَكُونُ جَارُهُ الْمُلَاصِقُ شَفِيعًا) الْهِبَةُ الصَّحِيحَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَعْدَ التَّقَابُضِ هِيَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ، أَيْ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَتْ هِبَةً ابْتِدَاءً فَهِيَ بَيْعٌ انْتِهَاءً، (الْهِدَايَةُ) . كَمَا قَدْ صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٥٥) يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: وَهَبْتُكَ هَذَا الْمَالَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا عِوَضًا وَعَقَدَ عَقْدَ الْهِبَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَتْ هِبَةً بِشَرْطِ الْعِوَضِ، أَمَّا لَوْ عَقَدَ عَقْدًا بِقَوْلِهِ قَدْ وَهَبْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا قِرْشًا كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ بَيْعٍ، (أَبُو السُّعُودِ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (٣) مَعَ شَرْحِ الْمَادَّةِ، (٨٥٥) . إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - الْهِبَةُ الْمَقْصُودَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ، أَمَّا الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ فَلَا تَثْبُتُ بِهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ عَقَارَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَّتَهُ فِي قَصْرٍ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَقَعَ التَّقَابُضُ تَصِحُّ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .

٢ - بِشَرْطِ الْعِوَضِ: فَالْهِبَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ، أَيْ فَالْمَقْصُودُ بِعَقْدِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، هِيَ الْهِبَةُ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا إعْطَاءُ الْعِوَضِ، كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (٨٦٨) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْهِبَةِ عَقَارًا لِيَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ وَيُعْطِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِثْلَ الْعِوَضِ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَيُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ، (أَبُو السُّعُودِ) ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (١٠٣٦) .

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشُّفْعَةَ إذَا وَجَبَتْ فِي الْمَوْهُوبِ قَائِمًا تَجِبُ بِمِثْلِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَتْ بِقِيمَةِ الدَّارِ، (انْتَهَى أَبُو السُّعُودِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>