للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ اللَّذَيْنِ لَا يُعَدَّانِ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ، مَثَلًا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْحِنْطَةُ الْحَاصِلَةُ فِي مَزْرَعَةِ أَحَدٍ بِالْحِنْطَةِ الَّتِي فِي مَزْرَعَةِ آخَرَ أَوْ خَلَطَاهَا فَتَحْصُلُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةُ مِلْكٍ مَعَ أَنَّ خَلْطَ وَاخْتِلَاطَ الْأَمْوَالِ غَيْرُ مَعْدُودَيْنِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ لِشَرِكَةِ الْمِلْكِ تَعْرِيفًا بِالْأَخَصِّ، فَلَوْ قِيلَ فِي التَّعْرِيفِ " إنَّمَا تَحْصُلُ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَخَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ " لَكَانَ مُوَافِقًا لِلسِّبَاقِ وَالسِّيَاقِ، وَلَكَانَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ.

رُكْنُهَا، هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ حَتَّى يَتَعَذَّرَ أَوْ يَتَعَسَّرَ تَمْيِيزُ وَتَفْرِيقُ الْحِصَصِ عَنْ بَعْضِهَا (الطَّحْطَاوِيُّ) .

شَرْطُهَا، أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلشَّرِكَةِ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَشْرَكَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ شَخْصًا فِي مَنَافِعِ وَقْفٍ مَوْقُوفٍ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَلَا يَصِحُّ (الطَّحْطَاوِيُّ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٠٦٧) حُكْمُهَا، هُوَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ الْمَخْلُوطِ أَوْ الْمُخْتَلَطِ وَكَوْنُ كُلِّ شَرِيكٍ أَجْنَبِيًّا فِي التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ بِحِصَّةِ الْآخَرِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِلَا إذْنٍ. وَعَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ هُوَ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (١٠٧٥) . (الشِّبْلِيُّ وَالْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) .

الثَّانِي - شَرِكَةُ الْعَقْدِ، وَتَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ يَعْنِي أَنَّ رُكْنَ شَرِكَةِ الْعَقْدِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (التَّنْوِيرُ) وَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ هُمَا مُخْتَصَّانِ بِالْقَوْلِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبُيُوعِ. وَهَلْ تُعْقَدُ الشَّرِكَةُ بِالتَّعَاطِي؟ وَتَأْتِي تَفْصِيلَاتُ الْقِسْمَيْنِ فِي بَابِهِمَا الْمَخْصُوصِ، فَتَفْصِيلَاتُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ سَتَأْتِي فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (١٠٦٠) وَشَرِكَةُ الْعَقْدِ سَتَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (١٣٢٩) وَحُكْمُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَيْ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ أَوْ كَوْنِ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) .

فَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ وَوَضَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالِ لِلشَّرِكَةِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ فَالْمَخْلُوطُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَعْدَ خَلْطِهِ، كَمَا أَنَّهُمَا لَوْ رَبِحَا مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ الرِّبْحُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.

شَرِكَةُ الْإِبَاحَةِ - وَيُوجَدُ سِوَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ شَرِكَةُ الْإِبَاحَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْعَامَّةِ مُشْتَرِكِينَ فِي صَلَاحِيَّةِ التَّمَلُّكِ بِالْأَخْذِ وَالْإِحْرَازِ لِلْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ مِلْكًا لِأَحَدٍ كَالْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ، فَمِيَاهُ الْأَنْهَارِ مَثَلًا يَشْتَرِكُ فِيهَا عُمُومُ بَنِي الْإِنْسَانِ وَلِكُلِّ إنْسَانٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا الْمَاءَ بِإِنَاءٍ وَيَتَمَلَّكُهُ كَمَا أَنَّ لِجَمِيعِ النَّاسِ أَنْ يَسْقُوا مَزَارِعَهُمْ مِنْ مِيَاهِ الْأَنْهَارِ الْعَامَّةِ كَنَهْرَيْ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَأَنْ يَفْتَحُوا جَدَاوِلَ وَمَجَارِي إلَى مَزَارِعِهِمْ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (١٢٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>