للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الْخُصُومَةِ فِي الْحِسَابِ، وَيَنْدَفِعُ بِهَذَا الشَّرْحِ السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَكُونُ أَيْضًا بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ بِلَا خُصُومَةٍ.

فَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ إنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْخُصُومَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْمُهَايَأَةُ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (١٨٤ ١) وَذَكَرَهَا هُنَا لِتَكُونَ أَسَاسًا لِلتَّفْرِيعَاتِ الْآتِيَةِ وَبِالتَّبَعِ. فَعَلَيْهِ إذَا سَكَنَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمَمْلُوكَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ مُدَّةً مُسْتَقِلًّا وَكَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا وَمَوْجُودًا بِدُونِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ حِصَّةِ الْآخَرِ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَتَقَاوَلَا عَلَى الْأُجْرَةِ يَعْقِدَا عَقْدَ الْإِيجَارِ فَهَذِهِ السُّكْنَى جَائِزَةٌ حَسَبِ الْمَادَّةِ (٧٥ ١) وَلَا يَسُوغُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ لِي أُجْرَةَ حِصَّتِي اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (٥٩٧) عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكْنَتَهَا مُسْتَقِلًّا وَإِمَّا أَنْ أَسْكُنَ بِقَدْرِ مَا سَكَنْتَ حَسَبِ الْفِقْرَةِ السَّالِفَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. إنَّمَا لَهُ إنْ شَاءَ طَلَبَ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ الْمُهَايَأَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، إذَا لَمْ يَطْلُبْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ، عَلَى أَنْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً مِنْ بَعْدِهَا أَيْ مِنْ تَارِيخِ الْمُخَاصَمَةِ وَالْحُكْمِ. وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ التَّقْسِيمَ وَطَلَبَ الْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ فَيُرَجَّحُ طَلَبُ التَّقْسِيمِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٢ ١ ١) . وَإِنْ شَاءَ يَسْكُنُ فِي الدَّارِ كَمَا فِي السَّابِقِ بِالِاشْتِرَاكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٠ ٧ ٠ ١) .

قِيلَ (بِدُونِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً) أَيْ بِدُونِ أَنْ يَتَقَاوَلَ مَعَ شَرِيكِهِ عَلَى الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ سَكَنَ فِي الدَّارِ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٩ ٤) كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فَاسِدَةً وَسَكَنَ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا التَّفْرِيعُ الَّذِي فَرَّعَتْهُ الْمَجَلَّةُ يَشْتَمِلُ عَلَى حُكْمَيْنِ:

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: لَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الشَّرِيكِ السَّاكِنِ أُجْرَةً عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا شَرِيكُهُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٥ ١) أَنَّ الْأَصْلَ فِي سُكْنَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَفِي تَوَابِعِ السُّكْنَى اعْتِبَارُهَا كَالْمِلْكِ الْمُسْتَقِلِّ وَلِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْهُمَا الِانْتِفَاعُ بِالسُّكْنَى وَتَوَابِعِهَا كَأَنَّهَا مِلْكُهُ الْمَخْصُوصُ الْمُسْتَقِلُّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى كُلِّ شَرِيكٍ أَنْ يَدْخُلَ تِلْكَ الدَّارِ وَأَنْ يَقْعُدَ فِيهَا وَأَنْ يَضَعَ أَمْتِعَتَهُ إذَا لَمْ يُؤْذِنْهُ شَرِيكُهُ مِمَّا يُوجِبُ ذَلِكَ تَعْطِيلَ مَنَافِعِ مِلْكِهَا الْأَمْرُ الْغَيْرُ الْجَائِزِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ سَاكِنًا فِي مِلْكِهِ وَمُنْتَفِعًا بِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ طَبْعًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢ ٤ ٤) (حَاشِيَةُ الْبَحْرِ لِابْنِ عَابِدِينَ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى الشَّرِيكَ السَّاكِنَ أُجْرَةً لِشَرِيكِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا بَعْدَ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٢) . (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْإِجَارَةِ) .

وَهَذَا الْحُكْمُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (٥٩٧) وَلَا يُفِيدُ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْهَا.

الْحُكْمُ الثَّانِي: لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ أَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ الْحَاضِرِ: إنَّنِي أَسْكُنُ بِقَدْرِ مَا سَكَنْت وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْفَيْضِيَّةُ) . وَقَدْ قُيِّدَتْ الدَّارُ شَرْعًا بِالدَّارِ (الْمَمْلُوكَةِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>