للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا كَانَ تَرْكُ الزِّرَاعَةِ نَافِعًا لِلْأَرْضِ وَمُوجِبًا لِخِصْبِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ أَيَّ مِقْدَارٍ مِنْهَا حَيْثُ إنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا يَكُونُ الْغَائِبُ رَاضِيًا دَلَالَةً بِزِرَاعَةِ أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ الْأَرْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ) فَإِذَا زَرَعَهَا كَانَ غَاصِبًا وَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ، وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ الْمَانِعَ لِلزِّرَاعَةِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ سَبَبَانِ وَإِنْ يَكُنْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُرِي بِأَنَّ السَّبَبَيْنِ هُمَا سَبَبٌ وَاحِدٌ، فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ مِنْ تِلْكَ الْأَرَاضِي بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَأَنْ يَزْرَعَ نِصْفَهَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ فِقْرَةِ (إذَا كَانَتْ زِرَاعَتُهَا تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ إلَخْ) وَلَا يُمْكِنُ تَفْرِيعُهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَذَكَرَ أَيْضًا آنِفًا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ فِي حَالِ كَوْنِ الزِّرَاعَةِ تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَتَرْكُهَا نَافِعًا لَهَا لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ أَيَّ مِقْدَارٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ.

وَالْحُكْمُ فِي الدَّارِ هُوَ حَسَبُ هَذَا الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨١ ١) وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ حَذْفُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ طَيُّ الْفِقْرَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْوَاقِعَاتُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) وَإِذَا كَانَتْ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ غَيْرَ مُضِرَّةٍ بِهَا بَلْ كَانَتْ نَافِعَةً لَهَا فَالشَّرِيكُ الْحَاضِرُ مُخَيَّرٌ - كَمَا ذَكَرَ آنِفًا - بَيْنَ زِرَاعَةِ كُلِّ الْأَرْضِ وَبَيْنَ زِرَاعَةِ مِقْدَارٍ مِنْهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَحَيْثُ إنَّ الْمَجَلَّةَ ذَكَرَ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ الْخِيَارِ فَقَدْ اخْتَلَّ مَعْنَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَعَ مَعْنَى الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. وَإِذَا أَرَادَ تَكْرَارَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَيَزْرَعُ ذَلِكَ النِّصْفَ أَيْ النِّصْفَ الَّذِي زَرَعَهُ فِي السَّنَةِ السَّابِقَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي سَنَةٍ أَحَدَ طَرَفَيْ الْأَرْضِ وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ الطَّرَفَ الْآخَرَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ مُتَمِّمَةٌ لِفِقْرَةِ ((فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ إلَخْ)) مَعَ كَوْنِهِ قَدْ فُهِمَ حَالُ وَمَوْقِعُ تِلْكَ الْفِقْرَةِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْمَادَّةِ شَرْحًا لِهَذِهِ الْفِقْرَةِ فِي مَوْقِعِهَا الْمُنَاسِبِ وَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الزِّرَاعَةَ تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَتَرْكُهَا نَافِعٌ لَهَا وَمُؤَدٍّ لِخِصْبِهَا فَزَرَعَ الشَّرِيكُ كُلَّ تِلْكَ الْأَرْضِ أَوَمِقْدَارًا مِنْهَا فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ يُضَمِّنُهُ حِصَّتَهُ فِي نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ هُوَ فِي صُورَةِ أَنْ تَكُونَ الزِّرَاعَةُ مُوجِبَةً لِنُقْصَانِ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ نُقْصَانٌ فِي الْأَرْضِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَإِنْ شَاءَ طَالَبَ بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ وَادَّعَى بِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ حَقَّهُ. مَثَلًا: إذَا زَرَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ مُنَاصَفَةً وَكَانَتْ قِيمَةُ أُجْرَتِهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ أُجْرَتِهَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ نُقْصَانُ الْأَرْضِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (٨٨٦) أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَلِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ ذَلِكَ أَيْ دِينَارَيْنِ أَمَّا إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي الْأَرْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ زَالَ النُّقْصَانُ الْمَذْكُورُ فَإِذَا كَانَ زَوَالُ النُّقْصَانِ بِغَيْرِ فِعْلِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الزَّارِعِ فَيَبْرَأُ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الزَّوَالُ قَبْلَ الرَّدِّ أَوْ كَانَ بَعْدَ الرَّدِّ أَيْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَرْضِ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الزَّارِعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>