للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ أَيْضًا بَيْعُ حِصَّةِ الْغَائِبِ وَوَقْفُ وَحِفْظُ ثَمَنِهَا أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْغَائِبِ لِلْغَائِبِ وَيَحْفَظَ وَيُوقِفَ ثَمَنَهَا وَلَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ التَّعْزِيرَ وَالْعِقَابَ لِإِتْلَافِهِ مَالَ الْغَيْرِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِزِيَادَةٍ) فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَبِعْ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ حِصَّةَ الْغَائِبِ مِنْ الثَّمَرِ الْقَائِمِ عَلَى الْكَرْمِ وَتَلِفَ الثَّمَرُ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ ضَمَانٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَجْبُورًا وَمُكَلَّفًا عَلَى بَيْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ. وَإِذَا صَرَفَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ شَيْئًا عَلَى خِدْمَةِ الْكَرْمِ وَتَقْلِيمِ أَشْجَارِهِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَعْمَالِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا صَرَفَهُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٧٢٥) .

وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ خَرَاجَ وَضَرِيبَةَ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِلَا أَمْرِ الْغَائِبِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَائِبِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ، لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ) . وَالْإِيضَاحَاتُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦ ٥ ١) .

وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَقَدْ جُوِّزَ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ مِنْ مُسْتَثْنَيَاتِ الْمَادَّةِ (٩٦) . (الطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . لَكِنْ يَكُونُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا عِنْدَ حُضُورِهِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ أَيْ أَنَّهُ يَرْضَى بِذَلِكَ الْبَيْعِ وَلَا تُتَحَرَّى فِي هَذِهِ الْإِجَازَةِ وَالرِّضَاءِ الشُّرُوطُ الَّتِي تَلْزَمُ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِذَا أَجَازَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ الْمَوْقُوفَ، وَإِنْ شَاءَ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ الْبَيْعَ وَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ لِشَرِيكِهِ الْبَائِعِ إذَا أَرَادَ وَحَتَّى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٣٥) .

وَيَرِدُ هُنَا سُؤَالٌ كَيْفَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ الشَّرِيكَ الْبَائِعَ مَعَ أَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ؟ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ لِذَلِكَ نَظِيرٌ وَهُوَ إذَا تَصَدَّقَ مُلْتَقِطُ اللُّقَطَةِ بِاللُّقَطَةِ ثُمَّ ظَهَرَ صَاحِبُهَا فَلِصَاحِبِهَا حَقُّ التَّضْمِينِ، وَالْإِيضَاحَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٠ ٧٧) . أَمَّا كَيْفِيَّةُ الضَّمَانِ فَهِيَ إذَا كَانَ الثَّمَرُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ مِثْلُهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُنْقَطِعَةِ الْمِثْلِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فِي وَقْتِ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ (حَاشِيَةُ الْبَحْرِ لِابْنِ عَابِدِينَ) . وَلَهُ إنْ تَلِفَ الثَّمَرُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِلْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِهِ غَاصِبَ الْغَاصِبِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٠ ١ ٩) أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ هَذَا التَّضْمِينُ عِبَارَةً عَنْ اسْتِرْدَادِ الثَّمَرِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٠ ٨٩) .

وَإِسْنَادُ الْإِجَازَةِ لِلْغَائِبِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ تُوُفِّيَ الْغَائِبُ يَكُونُ وَرَثَتُهُ مُخَيَّرِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَعْبِيرَ (أَجَازَ) هُوَ بِمَعْنَى رَضِيَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي تِلْكَ الْإِجَازَةِ الشُّرُوطُ الَّتِي يَجِبُ وُجُودُهَا فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَاشْتِرَاطُ شُرُوطٍ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي هَذِهِ الْإِجَازَةِ هُوَ لِوُجُودِ فَرْقٍ وَهُوَ أَنَّهُ يُوجَدُ إذْنٌ شَرْعِيٌّ فِي هَذَا الْبَيْعِ أَمَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَلَا يُوجَدُ إذْنٌ شَرْعِيٌّ وَالْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ فِي ذَلِكَ مُسْتَنِدٌ عَلَى أَنَّهُ يُوجَدُ فَائِدَةٌ لِلْغَائِبِ مَعَ بَيْعِ الثَّمَرِ لِغَلَبَةِ احْتِمَالِ تَلَفِهِ وَالتَّرْخِيصِ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِالْبَيْعِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>