للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ فِي الدَّيْنِ وَلَيْسَ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الصُّلْحِ) وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَعْطَى الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُقَابِلَةَ لِبَدَلِ الصُّلْحِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْمَالِ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَطْلُبَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَقْمِشَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ) . وَبِذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ خِيَارٌ لِلْمُصَالِحِ بِأَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ أَيْ رُبْعَ الدَّيْنِ الْمُقَابِلِ لِبَدَلِ الصُّلْحِ وَبِذَلِكَ قَدْ دَفَعَ الضَّرَرَ عَنْ الِاثْنَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .

مَثَلًا لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ الْخَمْسِمِائَةِ الدِّرْهَمِ عَلَى فَرَسٍ فَيَكُونُ:

(أَوَّلًا) الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُصَالِحِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَادَّةِ (٥ ٠ ١ ١) وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ فَإِذَا رَجَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ مُرَاجَعَةَ الشَّرِيكِ الْمُصَالِحِ يَكُونُ.

(ثَانِيًا) الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ سَلَّمَ نِصْفَ الْفَرَسِ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّ نِصْفَ الْفَرَسِ بِقَدْرِ رُبْعِ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ الْفَرَسَ هِيَ بَدَلُ الصُّلْحِ لِنِصْفِ الدَّيْنِ وَنِصْفُ النِّصْفُ رُبْعٌ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ رُبْعَ الدَّيْنِ أَيْ أَنَّهُ يَدْفَعُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الدَّيْنُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا أَيْضًا (الْهِدَايَةُ وَالْعِنَايَةُ بِزِيَادَةٍ) لِأَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ عَلَى إعْطَاءِ رُبْعِ الدَّيْنِ فَقَطْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ الصُّلْحَ يَكُونُ غَالِبًا مَبْنِيًّا عَلَى الْحَطِّ وَالتَّنْزِيلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ نَاقِصًا عَنْ حَقِّهِ، أَوْ أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ فِي يَدِهِ مِمَّا قَبَضَهُ بَدَلَ صُلْحٍ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

وَلَوْ قِيلَ بَدَلًا عَنْ تَعْبِيرِ (حِصَّتِهِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي تَرَكَهُ) عِبَارَةُ (أَعْطَى شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ إلَخْ) لَكَانَ مُوَافِقًا لِمَا وَرَدَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ لِأَنَّ كَلِمَةَ تَرَكَ هِيَ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (١٥٥٢) إذَا وَقَعَ عَلَى بَعْضٍ مِقْدَارَ الدَّيْنِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَأْخُوذِ بَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَتْرُوكِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ بِغَيْرِ التَّرْكِ فِي الْمَادَّةِ (١٥٥١) فِي مَعْنَى السَّاقِطِ. إلَّا أَنَّهُ يُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ تَعْبِيرَ التَّرْكِ هُنَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ بِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ بَلْ اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الدَّيْنِ الَّذِي تَرَكَهُ مُقَابِلَ الْأَثْوَابِ الَّتِي أَخَذَهَا بَدَلَ صُلْحٍ.

الْمَادَّةُ (٥ ٠ ١ ١) - (إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ تَمَامِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا أَوْ اشْتَرَى مَالًا بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ أَوْ صَالَحَ الْمَدِينَ عَلَى مَالٍ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ فَيَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إنْ شَاءَ أَجَازَ شَرِيكُهُ هَذِهِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ وَيَطْلُبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ، وَإِذَا هَلَكَ الدَّيْنُ عِنْدَ الْمَدِينِ يَرْجِعُ الدَّائِنُ عَلَى الْقَابِضِ وَلَا يَكُونُ عَدَمُ إجَازَتِهِ قَبْلًا مَانِعًا مِنْ الرُّجُوعِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>