للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقِسْمَةِ وَفِيمَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ وَمَا لَا يَدْخُلُ] [ (الْمَادَّةُ ١١٦٢) يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ]

الْمَادَّةُ (١١٦٢) - (يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَلَا يَبْقَى عَلَاقَةٌ لِأَحَدِهِمْ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بَعْدُ. وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِصَّتِهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فَلِذَلِكَ لَوْ قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَصَابَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا الْبِنَاءُ وَحِصَّةَ الْآخَرِ الْعَرْصَةُ الْخَالِيَةُ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا وَأَقْنِيَةً وَأَنْ يُنْشِئَ أَبْنِيَةً فِيهَا وَيُعَلِّيَهَا إلَى حَيْثُ شَاءَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ مَنْعُهُ وَلَوْ سَدَّ عَلَيْهِ الْهَوَاءَ وَالشَّمْسَ) .

يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَيَنْقَطِعُ حَقُّ اشْتِرَاكِ الْآخَرِ فِيهَا. وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١١٥٦) كَيْفِيَّةُ حُصُولِ الْمِلْكِيَّةِ فِي الْقِسْمَةِ وَكَمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ صَحِيحَةً تُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ فَالْقِسْمَةُ تُفِيدُ الْمِلْكَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (١١٥٦) وَشَرْحِهَا. وَلَا تَبْقَى عَلَاقَةٌ لِأَحَدِهِمْ فِي الْأَكْثَرِ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بَعْدُ، وَقَدْ قِيلَ فِي الْأَكْثَرِ حَيْثُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١١٥٦) وَشَرْحِهَا وَكَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (١١٦٦) أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى حَقٌّ لِحِصَّةٍ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّتِهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (١١٩٢) أَيْ يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

قِيلَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَبِهِ يُشَارُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ إذَا وُجِدَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ كَمَا فُصِّلَ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ.

وَفِي كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

١ - قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ.

٢ - قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مُضِرًّا بِالْغَيْرِ يُمْنَعُ.

٣ - قَوْلُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ عَاصَرُوا الدَّوْلَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا يُمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ. وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ عَهْدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي السُّعُودِ إلَى الْآنَ. وَبِهَذَا الْإِفْتَاءِ قَدْ اُخْتِيرَ رَأْيٌ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ رَأْيِ الْمُجْتَهِدِينَ الْمُشَارِ إلَيْهِمْ يَعْنِي أَنَّهُمْ قَدْ عَمِلُوا فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>