للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِنْشَاءِ لِأَنَّ تَدْبِيرَ أُمُورِ الْعَامَّةِ عَائِدٌ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ.

أَمَّا إذَا كَانَتْ مُضِرَّةً بِالْعَامَّةِ فَاللَّائِقُ أَنْ لَا يَأْمُرَ بِذَلِكَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا وُجِدَ مَصْلَحَةٌ فِي الْإِذْنِ وَأَذِنَ جَازَ الْإِذْنُ (أَبُو السُّعُودِ) . لَكِنْ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقُّ قَرَارٍ فِي الْجِسْرِ وَالْبُرُوزِ الْمُنْشَأَيْنِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِذَا انْهَدَمَ الْجِسْرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بِهَدْمِ صَاحِبِهِ وَأَرَادَ صَاحِبُهُ بِنَاءَهُ ثَانِيَةً يُمْنَعُ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْكَرَاهَةِ) وَتَعْبِيرُ (الطَّرِيقِ الْعَامِّ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ لِأَنَّهُ إذَا أُنْشِئَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ قَدِيمًا فَلَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فَإِذَا هُدِمَ فَلَهُ إنْشَاؤُهُ ثَانِيَةً وَإِذَا كَانَ حَادِثًا فَلَا حَقَّ قَرَارٍ لَهُ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا هَدَمَ أَحَدٌ دَارِهِ الْوَاقِعَةَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الَّتِي لَهَا بُرُوزٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلَهُ بِنَاؤُهَا كَمَا كَانَتْ وَلَيْسَ لِلْجِيرَانِ مَنْعُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) .

وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ كَمَا يَأْتِي: وَهُوَ أَنَّ الْأَبْنِيَةَ الْوَاقِعَةَ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى قِسْمَيْنِ:.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْأَبْنِيَةُ الْحَادِثَةُ وَيُنْظَرُ فِي هَذَا الْقِسْمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

(١) الْإِحْدَاثُ - إنَّ إحْدَاثَ شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ يُضَيِّقُ الطَّرِيقَ وَيَضُرُّ بِالْمَارَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٩) أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُضَيِّقُ الطَّرِيقَ بِسَبَبِ اتِّسَاعِهَا فَالْإِحْدَاثُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُمْنَعُ (الطُّورِيُّ) ، وَالْحُكْمُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ فَجَائِزٌ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ وَمُنِعَ فَالْإِحْدَاثُ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ مُنِعَ الْإِحْدَاثُ فِي الْمَادَّةِ (٢٧ ٩) وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ.

(٢) الْخُصُومَةُ - وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّهُ يُمْنَعُ قَبْلَ الْإِحْدَاثِ كَمَا أَنَّهُ يُهْدَمُ بَعْدَ الْإِحْدَاثِ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَتُقْبَلُ الْمُخَاصَمَةُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيُمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ أَمَّا بَعْدَ الْإِحْدَاثِ فَيُهْدَمُ إذَا كَانَ مُضِرًّا وَلَا يُهْدَمُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبَهْجَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَسَطٌ بَيْنَ قَوْلَيْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٩٢٧) . (أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَ أَوْ يُحْدِثَ شَيْئًا بِلَا إذْنٍ) وَلَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْحُكْمَ فِيمَا لَوْ وَضَعَ أَوْ أَحْدَثَ بِلَا إذْنٍ، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُوَضَّحُ ذَلِكَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٢٧) الْمَذْكُورَةِ أَنَّ ظَاهِرَ تِلْكَ الْمَادَّةِ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَّا أَنَّهُ حَسْبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجِبُ أَنْ يَبْنِيَ الْحُكْمَ هُنَاكَ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا دُقِّقَ فِي الْمَادَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ تُحَصَّلُ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ:

- أَوَّلًا - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَضَعَ أَوْ يُحْدِثَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا إذْنٍ.

ثَانِيًا - إذَا تَشَبَّثَ أَحَدٌ بِإِجْرَاءِ ذَلِكَ يُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ.

ثَالِثًا - إذَا انْتَهَزَ فُرْصَةً وَأَحْدَثَهَا يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ مُضِرَّةً تُرْفَعُ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُضِرَّةٍ فَلَا تُرْفَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>