للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَغَيَّرُ فِيهَا اسْمُهُ هُوَ سَبَبٌ لِلتَّمَلُّكِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَهَذَا السَّبَبُ أَيْضًا مَعْدُودٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَبِهِ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ مَمْنُوعٌ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِلْغَاصِبِ حَسْبَ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَكِنْ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُورُ لِغَيْرِهِ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَلَا يَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ جَائِزَةٌ وَيَحْصُلُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ لِلْمُصَلِّي فَمَا ظَنُّكَ بِالْمِلْكِ (فَتْحُ الْمُعِينِ فِي الْغَصْبِ) .

الثَّانِي - أَنْ يَخْلُفَ أَحَدٌ آخَرَ كَالْإِرْثِ يَعْنِي أَنْ يَمْلِكَ الْوَارِثُ الْمَالَ الْمَوْرُوثَ بِطَرِيقِ الْخَلَفِ عَنْ مُوَرِّثِهِ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ قَاعِدَةِ مِلْكِيَّةِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ مَسْأَلَتَانِ قَدْ ذُكِرَتَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١١٢٩) .

الثَّالِثُ - إحْرَازُ شَيْءٍ مُبَاحٌ لَا مَالِكَ لَهُ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ وَتُدْعَى هَذِهِ الْمِلْكِيَّةُ أَصَالَةً أَيْ بِمَعْنَى ذِي أَصَالَةٍ، وَهَذَا السَّبَبُ الثَّالِثُ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِ مِنْ أَصْلِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ) يَعْنِي أَنَّ صِفَةَ الْمِلْكِيَّةِ لِذَلِكَ الْمَالِ قَدْ أَتَتْ بِالِاسْتِيلَاءِ.

وَقَدْ اعْتَبَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ إحْيَاءَ الْمَوَاتِ سَبَبٌ رَابِعٌ لِلْمِلْكِ وَالْحَالُ أَنَّ هَذَا السَّبَبَ دَاخِلٌ فِي السَّبَبِ الثَّالِثِ وَلَا حَاجَةَ لِعَدِّهِ سَبَبًا رَابِعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَهَذَا الِاسْتِيلَاءُ وَالْأَخْذُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا أَوْ يَكُونَ بِوَضْعِ الْيَدِ حَقِيقَةً عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ كَأَخْذِ الْمَاءِ بِإِنَاءٍ مِنْ النَّهْرِ وَكَصَيْدِ الصَّيْدِ وَكَقَطْعِ الْخَشَبِ مِنْ الْجِبَالِ وَكَجَمْعِ الْكَلَأِ الْمُبَاحِ وَتَجْزِيزِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَخْذُ وَالِاسْتِيلَاءُ حُكْمِيًّا وَذَلِكَ بِتَهْيِئَةِ سَبَبِ الْأَخْذِ وَالِاسْتِيلَاءِ كَوَضْعِ إنَاءٍ لِجَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ وَنَصْبِ شَبَكَةٍ لِأَجَلِ الصَّيْدِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا السَّبَبُ مَوْضُوعًا عُرْفًا وَعَادَةً لِلْأَخْذِ وَالِاسْتِيلَاءِ كَنَصْبِ الشَّبَكَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ عُرْفًا وَعَادَةً لِلصَّيْدِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مَوْضُوعٍ عُرْفًا وَعَادَةً لِلْأَخْذِ وَالِاسْتِيلَاءِ كَنَصْبِ خَيْمَةٍ لِلصَّيْدِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ عُرْفًا وَعَادَةً لِلصَّيْدِ أَيْ أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إذَا كَانَ الْقَصْدُ وَالنِّيَّةُ مِنْ نَصْبِهَا وَوَضْعِهَا الصَّيْدَ فَيَمْلِكُ الصَّيْدَ مَنْ هَيَّأَ سَبَبَهُ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ تَهْيِئَةُ السَّبَبِ بِقَصْدِ الصَّيْدِ كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْدِ تَجْفِيفِ الشَّبَكَةِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى الَّتِي أَشَّرَ عَلَيْهَا بِرَقْمٍ وَاحِدٍ يَعْنِي فِي الصَّيْدِ الَّذِي يُصْطَادُ بِتَهْيِئَةِ سَبَبِهِ يَمْلِكُ الْمُسَبِّبُ الصَّيْدَ لِأَنَّ الشَّبَكَةَ لَا تُنَصَّبُ إلَّا لِلصَّيْدِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا نُصِبَتْ الشَّبَكَةُ بِقَصْدِ تَجْفِيفِهَا فَاصْطَادَتْ فَلَا يَمْلِكُ نَاصِبُهَا الصَّيْدَ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ آخِذًا لَهُ بِالشَّبَكَةِ وَلَكِنْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي أَشَّرَ عَلَيْهَا بِرَقْمِ اثْنَيْنِ إذَا اُصْطِيدَ صَيْدٌ فَلَا يَمْلِكُ النَّاصِبُ الصَّيْدَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٣٠٣) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ) .

مِثَالٌ ثَانٍ لِتَهْيِئَةِ أَسْبَابِ الصَّيْدِ: لَوْ دَخَلَ الصَّيْدُ فِي دَارِ أَحَدٍ وَرَأَى صَاحِبُ الدَّارِ الصَّيْدَ فَأَقْفَلَ الْبَابَ وَأَصْبَحَ الصَّيْدُ فِي حَالَةٍ يُمْكِنُ صَيْدُهُ بِدُونِ شَبَكَةٍ أَوْ سَهْمٍ فَيَمْلِكُ صَاحِبُ الدَّارِ الصَّيْدَ وَإِذَا أَقْفَلَ الْبَابَ بِدُونِ أَنْ يَرَى الصَّيْدَ وَيَعْلَمَ بِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (لَا مَالِكَ لَهُ) لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ عَلَى شَيْءٍ لَهُ مَالِكٌ كَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَطَبٍ جَمَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>