للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا سَقَى أَحَدٌ مَزْرَعَتَهُ بِإِذْنٍ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ مُدَّةً فَلِأَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ وَلِوَرَثَتِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ مَنْعُهُ مِنْ الْإِسْقَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٢٦ ١) . (النَّتِيجَةُ) قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَشَرْحِهَا أَنْ لَيْسَ لِلْآخَرِ السَّقْيُ مِنْ النَّهْرِ وَالْجَدْوَلِ وَالْعَيْنِ، وَلِنُوَضِّحَ ذَلِكَ فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ:

١ - لَيْسَ لَهُ السَّقْيُ مِنْ النَّهْرِ، مَثَلًا إذَا كَانَ نَهْرٌ مَخْصُوصٌ بِأَهَالِي قَرْيَةٍ فَلَيْسَ لِأَهَالِي قَرْيَةٍ أُخْرَى السَّقْيُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَيْسَ لَهُمْ إذَا مُنِعُوا مِنْ السَّقْيِ مِنْ أَهَالِي الْقَرْيَةِ الْأُولَى أَنْ يَزْعُمُوا بِأَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ لَأَنْ يَسْقُوا مَزْرُوعَاتِهِمْ بِسَبَبِ نُقْصَانِ الْمَطَرِ وَخَطَرِ تَلَفِ مَزْرُوعَاتِهِمْ (الْبَهْجَةُ) .

٢ - لَيْسَ لَهُ السَّقْيُ مِنْ الْجَدْوَلِ، مَثَلًا لَوْ شَقَّ أَحَدٌ نَهْرًا خَاصًّا أَيْ جَدْوَلًا مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ لِسَقْيِ مَزْرُوعَاتِهِ أَوْ كَرْمِهِ أَوْ جُنَيْنَتِهِ فَلَيْسَ لِآخَرَ أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ الْجَدْوَلَ وَأَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ وَلَكِنْ إذَا أَخَذَ صَاحِبُ الْجَدْوَلِ حَاجَتَهُ مِنْ الْمَاءِ وَأَصْبَحَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ الْمَاءِ الْبَاقِي وَأَصْبَحَ الْمَاءُ يَصُبُّ إلَى الْخَارِجِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُمْنَعَ الْآخَرُ مِنْ أَخْذِ تِلْكَ الْمِيَاهِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهَا. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ الَّتِي تَجْرِي إلَى طَاحُونٍ مِنْ الْقَدِيمِ تَسِيلُ عِنْدَ تَزَايُدِهَا إلَى طَاحُونٍ آخَرَ ثُمَّ شَحَّتْ الْمِيَاهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ صَاحِبُ الطَّاحُونِ الْآخَرِ تَشْغِيلَ طَاحُونِهِ وَكَانَ الْحَالُ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّاحُونِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَخْرِقَ جَدْوَلَ صَاحِبِ الطَّاحُونِ الْأُولَى عِنْدَ قِلَّةِ الْمِيَاهِ وَيَجْرِي الْمَاءَ إلَى طَاحُونِهِ (الْبَهْجَةُ) .

٣ - لَيْسَ لَهُ السَّقْيُ مِنْ الْعَيْنِ، مَثَلًا لَوْ كَانَتْ عَيْنٌ تَنْبُعُ مِنْ الْقَدِيمِ فِي مَزْرَعَةِ أَحَدٍ وَيَسْقِي مَزْرَعَتَهُ بِحَقٍّ مِنْهَا فَأَرَادَ آخَرُونَ سَقْيَ أَرَاضِيهِمْ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِصَاحِبِ الْعَيْنِ مَنْعُهُمْ مِنْ السَّقْيِ. لَكِنْ يَسُوغُ لَهُ شُرْبُ الْمَاءِ بِسَبَبِ حَقِّ شَفَتِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَلَهُ الْوُضُوءُ وَالِاغْتِسَالُ وَغَسْلُ الثِّيَابِ يَعْنِي يَجُوزُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْعَيْنِ أَنْ يُشَارِكُوهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ بِالشُّرْبِ مِنْهُ وَسَقْيِ الدَّوَابِّ وَأَخْذِ الْوُضُوءِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (شَرْحِ الْمَجْمَعِ فِي فَصْلٍ فِي الشُّرْبِ وَالْفَيْضِيَّةُ عَنْ الْخُلَاصَةِ) .

وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُورِدَ حَيَوَانَاتِهِ وَيَسْقِيَهَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْ تَخْرِيبِ النَّهْرِ أَوْ الْجَدْوَلِ أَوْ الْقَنَاةِ فَإِذَا خَشِيَ مِنْ تَخْرِيبِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَنْهَارُ وَالْآبَارُ وَالْحِيَاضُ وَاقِعَةً فِي الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ أَوْ فِي الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُبَاحِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (٤ ٢٥ ١) مَشْرُوطٌ بِالسَّلَامَةِ. وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (إذَا لَمْ يَخْشَ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْمَنْعِ حُصُولُ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالتَّخْرِيبِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الشُّرْبِ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْجَدْوَلُ صَغِيرًا وَكَانَتْ الْحَيَوَانَاتُ الَّتِي أُورِدَتْ لِلسَّقْيِ كَثِيرَةً فَإِذَا شَرِبَتْ مِنْ الْجَدْوَلِ تَنْقَطِعُ الْمِيَاهُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ لَهُ سَقْيَ حَيَوَانَاتِهِ أَيْضًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>