للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا دَامَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالٍ فَالْمَالُ الَّذِي يَشْتَرِيهِ الْمُضَارِبُ يَكُونُ مِلْكُهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَوْلُهُ (فِي ذِمَمِ النَّاسِ) احْتِرَازٌ مِنْ النُّقُودِ الَّتِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَبْضِعِ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَبْضِعِ: اعْمَلْ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِكَ مُضَارَبَةً، وَعَمِلَ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ (الْبَحْرُ) كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مُشَاعًا: وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مُشَاعًا، وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ لِأَحَدٍ عِشْرِينَ دِينَارًا وَقَالَ لَهُ: خُذْ نِصْفَهَا دَيْنًا لَك وَاعْمَلْ بِنِصْفِهَا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَنَا مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً، وَقَبَضَ الْآخَرُ وَقَبِلَ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ لَكِنْ إذَا أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ وَقَالَ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ هَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ وَقَبَضَهُ وَبَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ وَاِتَّخَذَ بَدَلَ النُّقُودِ رَأْسَ مَالٍ وَبَاعَ وَاشْتَرَى فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً إذْ لَا تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فِي هَذَا الْحَالِ مُضَافَةً لِلْعُرُوضِ بَلْ مُضَافَةً إلَى الثَّمَنِ وَالثَّمَنُ هُوَ مِنْ الْأَمْوَالِ الصَّالِحَةِ لِاِتِّخَاذِهَا رَأْسَ مَالٍ فِي الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ فِي ذَلِكَ إضَافَةً إلَى الْمُسْتَقْبَلِ لَكِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُضَارَبَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ وَكَالَةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ إجَارَةً فَلَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الْإِضَافَةَ (الدُّرَرُ وَالتَّكْمِلَةُ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُمْكِنُ بِهَذِهِ الْفِقْرَةِ عَمَلُ حِيلَةٍ لِاِتِّخَاذِ الْعُرُوضِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ، وَحِيلَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْخَصَّافُ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ الْمَتَاعَ إلَى رَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَيَقْبِضَ الْمَالَ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُضَارِبِ مُضَارَبَةً

ثُمَّ يَشْتَرِي هَذَا الْمُضَارِبُ هَذَا الْمَتَاعَ مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا أُعْطِيت الْعُرُوض عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَنْ تَتَّخِذَ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ رَأْسَ مَالٍ فَهُوَ بَاطِلٌ (الدُّرَرُ) وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (وَأَعْطَاهُ) لَيْسَ لِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِ الْعُرُوضَ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ فَرَسًا نَسِيئَةً ثُمَّ بِعْهَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهَا مُضَارَبَةً، وَاشْتَرَى الْآخَرُ فَرَسًا ثُمَّ بَاعَهَا بِثَمَنِهَا وَعَمِلَ بِثَمَنِهَا فِي طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ جَازَ (الْبَحْرُ) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (بِعْ هَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا مُثَالَثَةً، لَا يَصِحُّ. وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى زَيْدٌ لِعَمْرٍو شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَبَةِ فَقَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ الَّذِي تَكْسِبُهُ مُثَالَثَةً بَيْنَنَا، وَبَاعَ وَخَسِرَ فَلَا تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً وَيَأْخُذُ عَمْرٌو أَجْرَ الْمِثْلِ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الشُّرُوطِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ التَّنْقِيحِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٥٧٨) كَذَلِكَ إذَا قَالَ: اقْبِضْ كَذَا دِرْهَمًا الدَّيْنَ الَّذِي لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَاسْتَعْمِلْهُ فِي طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ وَقَبِلَ الْآخَرُ وَقَبَضَ كُلَّ الدَّيْنِ وَعَمِلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً وَلَكِنْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَكْرُوهَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ شَرَطَ الْمَنْفَعَةَ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَيْ مَنْفَعَةَ الْقَبْضِ (الْبَحْرُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>