للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلُهَا، لَمَّا كَانَ قَدْ فَوَّضَ الْوَكِيلَ بِالتَّصَرُّفِ حِينَ تَفْوِيضِهِ إيَّاهُ عَلَى صُورَةِ الرِّسَالَةِ. فَالْوَكِيلُ مُجْبَرٌ عَلَى إيفَاءِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى سَبِيلِ الرِّسَالَةِ أَيْضًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ. (١٤٦٠) ثَانِيهَا، إنْ كَانَ تَفْوِيضُهُ ابْتِدَاءً عَلَى طَرِيقِ الْوَكَالَةِ وَبِلَفْظِ الْوَكَالَةِ.

لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ اسْتَعْمَلَ تِلْكَ الْوَكَالَةَ بِصُورَةِ الرِّسَالَةِ فَقَدْ تَحَقَّقَتْ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي ضِمْنِ الرِّسَالَةِ. وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الصُّورَتَيْنِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا مَحْضًا. مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ مِنْ الْمُوَكِّلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ إقَامَةُ دَعْوَى الرُّجُوعِ بِالْهِبَةِ عَلَى الْوَكِيلِ بِالِاتِّهَابِ وَلَوْ وُجِدَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . جَاءَ فِي الشَّرْحِ إذَا أَضَافَ الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ نَفَذَ بَعْضُ الْعُقُودِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِسَبَبِ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَلَا تَنْفُذُ بَعْضُ الْعُقُودِ. وَلْنَذْكُرْ ثَلَاثَةَ أَمْثِلَةٍ لِرَسُولِ الِاسْتِقْرَاضِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ: رَسُولُ الِاسْتِقْرَاضِ: إذَا أَضَافَ الرَّسُولُ بِالِاسْتِقْرَاضِ عَقْدَ الِاسْتِقْرَاضِ إلَى نَفْسِهِ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ الْمَقْرُوضُ مَالَ الرَّسُولِ فَوَفَاؤُهُ يَلْزَمُ الرَّسُولَ أَيْضًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ ١٤٦٠) . رَسُولُ الشِّرَاءِ: إذَا لَمْ يُضِفْ هَذَا الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ وَاشْتَرَى بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى عَائِدًا إلَيْهِ. كَمَا أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ لِذَلِكَ الرَّسُولِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْحَامِدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٤٥٣) . يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ بِالشِّرَاءِ عَلَى صُورَةِ الرِّسَالَةِ ابْتِدَاءً أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ وَإِذَا أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ يَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْسِلِ. رَسُولُ الْبَيْعِ: إذَا عَقَدَ هَذَا الرَّسُولُ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ، فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمَّا كَانَتْ فَوْقَ الرِّسَالَةِ فَلَا تَتَضَمَّنُ الرِّسَالَةُ الْوَكَالَةَ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ: إنَّ مُرْسِلِي فُلَانًا يَقُولُ قَدْ بَاعَ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا (الْبَحْرُ) بِنَاءً عَلَيْهِ فَهَذَا الْبَيْعُ بَيْعُ فُضُولِيٍّ إنْ شَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ أَجَازَهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ.

الِاخْتِلَافُ فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ: لَكِنْ لَوْ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهَا وَكَالَةً أَوْ رِسَالَةً فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرِّسَالَةَ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِأَحَدٍ: أَنْتَ اشْتَرَيْتَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ فَأَعْطِنِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ. وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ: لَمْ أَكُنْ وَكِيلًا بَلْ رَسُولًا وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرِّسَالَةَ بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يُثْبِتَ كَوْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَكِيلًا (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنْكِرُ إضَافَةَ الْعَقْدِ وَالْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ ذَلِكَ (التَّكْمِلَةُ عَنْ النِّهَايَةِ) . لَكِنْ لَوْ ادَّعَى الرَّسُولُ بَعْدَ إنْشَاءِ الْعَقْدِ لِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ قَائِلًا: إنِّي رَسُولٌ وَلَسْتُ بِوَكِيلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>