للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَيْعِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْخُصُومَةِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْعَقْدِ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ، وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَوْ وَكَّلَ آخَرَ وَاشْتَغَلَ الْوَكِيلُ الثَّانِي فِي حُضُورِ الْأَوَّلِ بِهَذِهِ الْخُصُوصَاتِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) مَثَلًا لَوْ وُكِّلَ أَحَدٌ بِإِبْرَاءِ مَدِينِهِ وَوَكَّلَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ وَكِيلًا آخَرَ. وَإِبْرَاءُ الْمَدِينِ فِي حُضُورِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . ٣ - لَا يَنْفُذُ: أَمَّا إذَا أَجَازَ الْمُوَكِّلُ هَذَا التَّوْكِيلَ جَازَ وَكَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلًا لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعَدُّ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ هَذَا فُضُولِيًّا يُعْلَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ كُلَّمَا صَحَّ التَّوْكِيلُ بِهِ إذَا بَاشَرَهُ الْفُضُولِيُّ يَتَوَقَّفُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ تُسْتَثْنَى أَرْبَعُ مَسَائِلَ فَلِلْوَكِيلِ فِيهَا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَذِنَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ بِأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ أَوْ قَالَ لَهُ عَلَى التَّفْوِيضِ لِرَأْيِهِ: اعْمَلْ بِرَأْيِك. أَوْ اعْمَلْ مَا شِئْت، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ. فَفِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ قَدْ أَذِنَهُ بِتَوْكِيلِ غَيْرِهِ صَرَاحَةً وَفَوَّضَهُ لِرَأْيِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. فَلِلْمُوَكِّلِ الرِّضَاءُ بِتَوْكِيلِهِ آخَرَ (الْبَحْرُ) ؛ وَلِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرُ فِيمَا يَرَاهُ عَامًّا وَالتَّوْكِيلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا رَآهُ. أَمَّا الْوَكِيلُ الثَّانِي هَذَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ ثَالِثًا.

لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ: عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) وَبَاعَ هَذَا الْوَكِيلُ الثَّانِي الْمَالَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ (الْبَحْرُ) . وَلَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ آخَرَ بِالْقَبْضِ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَأَعْطَاهُ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ الثَّانِي حَتَّى إنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٦٣) وَشَرْحِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَعَلَيْهِ فَالْوَكِيلُ الَّذِي يُوَكِّلُهُ الْوَكِيلُ بِالْإِذْنِ وَالتَّفْوِيضِ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ وَكِيلًا لِلْوَكِيلِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِبُطْلَانِ وَكَالَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِعَزْلٍ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ أَوْ وَفَاتِهِ بِمُقْتَضَى الْمَوَادِّ (١٥٢٠، ١٥٢٩، ١٥٣٠) . وَيَنْعَزِلَانِ، أَيْ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ. أَمَّا إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِي يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدْ قَالَ لَهُ (اصْنَعْ مَا شِئْت) فَلَهُ عَزْلُ الْوَكِيلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ لَهُ صُنْعَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِصُنْعِهِ وَعَزْلُهُ مِنْ صُنْعِهِ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِي. سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ حَيًّا أَوْ كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ (وَكِّلْ فُلَانًا) فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ عَزْلُ ذَلِكَ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ قَدْ انْتَهَتْ بِالتَّوْكِيلِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَقَدْ صَارَ مُنْعَزِلًا مِنْ الْوَكَالَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١٥٢٦) (الْأَنْقِرْوِيُّ) لَكِنْ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: اصْنَعْ مَا شِئْت: وَوَكَّلَ هَذَا الْوَكِيلُ آخَرَ فَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ عَزْلُهُ وَبَعْضُهُمْ بَيَّنَ خِلَافَ ذَلِكَ (الْبَحْرُ، تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>