للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ كَيْلِهَا أَوْ ثَمَنِهَا بِقَوْلِهِ بِكَذَا دَرَاهِمَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. فَإِنْ بَيَّنَ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَتَعَيَّنَ الْبَلَدُ الَّذِي يَكُونُ الْمُوَكِّلُ فِيهِ وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِنْطَةً لَزِمَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

وَلَيْسَ التَّرْدِيدُ بِلَفْظِ (أَوْ) قَيْدًا احْتِرَازِيًّا وَعَلَيْهِ إذَا بَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الْمِقْدَارَ وَالثَّمَنَ مَعًا بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً بِكَذَا دِرْهَمًا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ أَيْضًا بِالْأَحْرَى وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ. إلَّا أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٧٩) وَإِذَا بَيَّنَ الْمُوَكِّلُ فِيمَا تَنْقَسِمُ فِيهِ أَجْزَاءُ الْمُثَمَّنِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ الْمِقْدَارِ وَالثَّمَنِ مَعًا:

مَثَلًا إذَا قَالَ: اشْتَرِ عَشْرَ أُوقِيَّاتٍ مِنْ اللَّحْمِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ عَشْرَ أُوقِيَّاتِ وَنِصْفًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا كَانَ جَمِيعُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَمَّا كَانَتْ يَسِيرَةً تَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنَيْنِ فَلَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُ الزِّيَادَةِ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ كَعِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ اللَّحْمِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِاعْتِبَارِ كُلِّ أُوقِيَّةٍ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ يَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ نِصْفُ الثَّمَنِ يَعْنِي يَصِحُّ فِي حَقِّهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلْوَكِيلِ. خِلَافًا لَهُمَا فَعِنْدَهُمَا تَلْزَمُهُ الْعِشْرُونَ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَزَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ كَمَا أَمْرَ بِاشْتِرَاءِ هَذَا الْمِقْدَارِ كَانَ هَذَا الْمِقْدَارُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَقَطْ.

أَمَّا الزِّيَادَةُ فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِشِرَائِهَا تَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ. قِيلَ: كُلُّ أُوقِيَّةٍ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ اللَّحْمِ الَّتِي تُبَاعُ الْأُوقِيَّةُ مِنْهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ فَلَا يُنْفِذُ مِقْدَارًا مِنْهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ كَانَ جَمِيعُهُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ لَمَّا كَانَ يَتَنَاوَلُ اللَّحْمَ السَّمِينَ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الْمَهْزُولِ قَدْ خَالَفَ أَمْرَهُ إلَى شَرٍّ وَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمُوَكِّلِ. وَيَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِشِرَاءِ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ الَّتِي تَنْقَسِمُ فِيهَا أَجْزَاءُ الثَّمَنِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُثَمَّنِ وَلَا يَجْرِي فِي الْقِيَمِيَّاتِ. فَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرِ ثَوْبًا مِنْ الْحَرِيرِ الشَّامِيِّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْحَرِيرِ الشَّامِيِّ الَّذِي يُسَاوِي كُلُّ ثَوْبٍ مِنْهُمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ مَعًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَنْفُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ كُلَّ ثَوْبٍ مَجْهُولٌ. وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِالْجَزْرِ، أَيْ بِالتَّقْدِيرِ وَالتَّخْمِينِ مَعَ أَنَّ الْمُرَجِّحَ مَفْقُودٌ، لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِاشْتِرَاءِ ثَوْبٍ فَإِنْ سَمَّى لَهُ ثَمَنًا لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ، وَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ أَيْضًا، فَإِنْ وَصَفَ لَهُ صِفَةً وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ تِلْكَ الصِّفَةَ بِأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>