للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُنْكِرٌ حَقَّ رُجُوعِ الْوَكِيلِ عَلَيْهِ؛ وَاذَا كَانَ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِنْشَاءِ حَالًا، بِأَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَأْمُورَ بِشِرَائِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ مَوْجُودًا، أَيْ وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلَهُ.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ الْقَوْلُ لِلْآمِرِ، فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمَا فِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَأْمُورِ إذَا كَانَ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ التُّهْمَةِ أَوْ لَا، وَالتُّهْمَةُ تَثْبُتُ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّ الثَّمَنَ يَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ زِيَادَةً فَاحِشَةً تَثْبُتُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَوْضِعِ التُّهْمَةِ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَيْبِ فَتَأَمَّلْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّكْمِلَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَغَيْرُهَا) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَهُ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ ذَلِكَ، ذَلِكَ الْمَالَ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الشِّرَاءَ إلَى مَالِ مُوَكِّلِهِ، أَيْ لَوْ أَضَافَ فِي أَثْنَاءِ عَقْدِ الْبَيْعِ، الْعَقْدَ إلَى مِلْكِ مُوَكِّلِهِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ. سَوَاءٌ أَعْطَى الْبَدَلَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ أَوْ أَعْطَاهُ مِنْ مَالِهِ وَأَبْقَى مَالَ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اشْتِرَاءُ أَحَدٍ مَالَ آخَرَ لِنَفْسِهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى دَرَاهِمِ غَيْرِهِ مُسْتَنْكَرًا شَرْعًا وَعُرْفًا فَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ حَمْلًا عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَكُونُ حَلَالًا لِلْوَكِيلِ وَعَلَى الصُّورَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعِبَارَةُ عَلَيْهَا (الْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ وَالشِّرَاءَ إلَى مَالِ نَفْسِهِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ. وَلَوْ نَوَى كَوْنَهُ لِلْمُوَكِّلِ عِنْدَ اشْتِرَائِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الشِّرَاءَ عَلَى الْمَالِ مُطْلَقًا، أَيْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى مَالِ نَفْسِهِ وَلَا إلَى مَالِ مُوَكِّلِهِ، وَكَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا يُنْظَرُ: فَإِذَا نَوَى الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ لَهُ وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ كَوْنَ الْوَكِيلِ قَدْ نَوَى هَذِهِ النِّيَّةَ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ وَإِذَا نَوَى كَوْنَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ كَوْنَهُ قَدْ نَوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِ نَقْدًا وَاشْتَرَى نَسِيئَةً كَانَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُوَكِّلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: الْمُوَكِّلُ (إنَّك نَوَيْت لِي) وَقَالَ: الْوَكِيلُ: (لَا بَلْ نَوَيْت لِنَفْسِي) يَحْكُمُ الْعَقْدُ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الَّذِي أُعْطِيَ لِيَكُونَ بَدَلًا مَالًا لِلْمُوَكِّلِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ، وَإِذَا كَانَ مَالًا لِلْوَكِيلِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ،؛ لِأَنَّهُ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الْمَبِيعِ لَمْ يُعْطَ بَعْدُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الْمَبِيعِ قَدْ أُعْطِيَ يَرْجِعُ إلَى بَيَانِ الْوَكِيلِ (ابْنُ عَابِدِينَ) وَإِذَا اتَّفَقَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْوَ حِينَ الِاشْتِرَاءِ طَرَفًا عَلَى الْإِطْلَاقِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ أَحَدٍ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ عَمِلَ لِغَيْرِهِ.

وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ تَرْجِيحُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْكُمُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ مَوْقُوفًا فَالْوَجْهُ الْمُحْتَمَلُ هُوَ نَفَاذُهُ لِصَاحِبِ الْعَقْدِ الَّذِي أَعْطَى بَدَلًا لِلْمَبِيعِ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>