للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّلْحِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، أَوْ فِي الَّذِي لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ إمَّا أَنَّهُ إسْقَاطٌ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْقِطُ الْمُدَّعِيَ أَوْ الدَّائِنَ، فَلَا يُمْكِنُ سُقُوطُ حَقِّهِ بِدُونِ قَبُولِهِ وَرِضَاهُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَارَضَةً فَفِي الْمُعَارَضَةِ يَجِبُ وُجُودُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا. أَمَّا فِي الصُّلْحِ الَّذِي لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى عَيْنِ الْجِنْسِ فَيَقُومُ طَلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الصُّلْحَ مَقَامَ الْقَبُولِ. مَثَلًا: لَوْ طَلَبَ الْمَدِينُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ دَائِنِهِ أَنْ يُصَالِحَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَصَالَحَهُ الْمَدِينُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا (أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) .

يُشْتَرَطُ فِي تَمَامِ الصُّلْحِ قَبْضُ بَدَلِهِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْمَبِيعِ وَالْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالسَّلَمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ ٣٨٧) . أَمَّا فِي الصُّلْحِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ، وَهِيَ كَمَا يَأْتِي:

أَوَّلًا - إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ قِيَمِيًّا فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَيْ بَدَلُ الصُّلْحِ قِيَمِيًّا، أَوْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُعَجَّلًا، أَوْ مُؤَجَّلًا كَالصُّلْحِ فِي دَعْوَى عَقَارٍ عَلَى فَرَسٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى نَقْدَيْنِ، أَوْ عَلَى مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

ثَانِيًا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِثْلِيًّا وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قِيَمِيًّا فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ كَالصُّلْحِ عَنْ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِفَرَسٍ مُعَيَّنٍ.

ثَالِثًا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ دَيْنًا وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بَعْضَ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ كَالصُّلْحِ عَنْ خَمْسِينَ دِينَارًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ ١٥٥٢) وَيَجُوزُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ مُؤَجَّلًا أَيْضًا (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الصُّلْحِ) .

يُوجَدُ نَوْعٌ آخَرُ لِلصُّلْحِ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ وَهُوَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مِثْلِيَّيْنِ، فَقَبْضُ الْبَدَلِ شَرْطٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالصُّلْحِ عَنْ تِلْكَ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِهَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً أَمْ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ كَالصُّلْحِ عَنْ تِلْكَ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِهَذِهِ الْعِشْرِينَ كَيْلَةً شَعِيرًا، وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي نَحْوِ الصُّلْحِ عَنْ كَذَا رِيَالًا بِكَذَا دِينَارًا، أَوْ عَنْ كَذَا دِينَارًا بِكَذَا رِيَالًا (الْبَزَّازِيَّةُ) .

انْعِقَادُ الصُّلْحِ بِالتَّعَاطِي.

وَكَمَا أَنَّ الصُّلْحَ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَنْعَقِدُ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِإِعْطَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالًا لِلْمُدَّعِي - لَا يَحِقُّ لَهُ أَخْذُهُ - وَقَبْضِ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ الْمَالِ.

مَثَلًا. لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَأَعْطَى الْمُدَّعِي شَاةً وَقَبَضَهَا الْمُدَّعِي مِنْهُ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِالتَّعَاطِي وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ تِلْكَ الشَّاةِ، وَأَمَّا إذَا أَعْطَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بَعْضَ الْمَالِ الَّذِي كَانَ لِلْمُدَّعِي حَقُّ أَخْذِهِ، وَقَبَضَهُ الْمُدَّعِي فَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِالتَّعَاطِي مَثَلًا. لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَعَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ الدَّيْنَ دَفَعَ لِلْمُدَّعِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَهَا الْمُدَّعِي وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى الصُّلْحِ فَلِلْمُدَّعِي طَلَبُ بَاقِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>