للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّهُ قُصِدَ مِنْ الْمَعْتُوهِ الْمَذْكُورِ هُنَا الْمَعْتُوهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ إلَّا أَنَّ نَظْمَ الْمَعْتُوهِ فِي سِلْكِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَاعْتِبَارَ الصُّلْحِ الْوَاقِعِ مِنْهُ غَيْرَ صَحِيحٍ مُطْلَقًا مُحْتَاجٌ لِلنَّظَرِ؟ فَعَلَيْهِ لَوْ ذَكَرَ الْمَعْتُوهَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ، وَبَيَّنَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا يَصِحُّ صُلْحُهُ لَكَانَ سَالِمًا مِنْ التَّأَمُّلِ، وَيَصِحُّ صُلْحُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَظَاهِرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ فِيهِ نَفْعٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَذْكُورَانِ فِي صِفَةِ الْمُدَّعِي أَوْ فِي صِفَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

يُوجَدُ فِي صُلْحِ الصَّبِيِّ أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ: أَوَّلًا - أَنْ يَكُونَ فِي صُلْحِهِ نَفْعٌ.

ثَانِيًا - أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ.

ثَالِثًا - أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَرَرٌ غَيْرُ بَيِّنٍ.

رَابِعًا - أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ.

وَفِي الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى يَكُونُ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَأَمَّا فِي الِاحْتِمَالِ الرَّابِعِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ، وَأَقَرَّ بِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١٥٧٣) يَصِحُّ صُلْحُهُ عَنْ إقْرَارٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ بِمِقْدَارِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا، وَكَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ بِقِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ كَانَ زَائِدًا عَنْ قِيمَتِهِ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ.

وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَيْسَ فِي الصُّلْحِ نَفْعٌ أَوْ ضَرَرٌ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ يُوجَدُ ضَرَرٌ غَيْرُ بَيِّنٍ.

أَمَّا إذَا كَانَ فِي الصُّلْحِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَالصُّلْحِ بِتَنْزِيلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ عَيْبٍ فَلَا يَصِحُّ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

وَتَعْبِيرُ الْإِقْرَارِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِحَقٍّ، وَأَنْكَرَ الصَّبِيُّ، وَكَانَ لَدَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ فَصَالَحَهُ الصَّبِيُّ صَحَّ الصُّلْحُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

هَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مُدَّعِيًا فَيَصِحُّ صُلْحُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

مَثَلًا - لَوْ ادَّعَى الْمَأْذُونُ بِدَيْنٍ عَلَى أَحَدٍ وَتَصَالَحَ الصَّبِيُّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ الْحَقِّ يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الصَّبِيِّ بَيِّنَةٌ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْخَصْمَ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الصَّبِيِّ بَيِّنَةٌ فَلَا يَبْقَى لَهُ سِوَى الْخُصُومَةِ وَالْيَمِينِ، وَالْمَالُ أَفْيَدُ مِنْهُمَا، أَمَّا إذَا كَانَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَكُونُ فِي تِلْكَ الْحَالِ حَطًّا وَتَنْزِيلًا وَتَبَرُّعًا وَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ ذَلِكَ، اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (٩٦) وَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ الصُّلْحَ عَلَى تَأْجِيلٍ وَإِمْهَالِ دَيْنِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِمْهَالَ وَالتَّأْجِيلَ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فِي أَعْمَالِ التِّجَارَةِ كَالْبَالِغِ (الدُّرَرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>