للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَامِسًا - إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ بَلْ كَانَ صُلْحًا عَنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ بِمَالٍ آخَرَ، وَكَانَ الصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ فَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ الْمُوَكِّلَ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَوْ الْبَدَلَانِ عَيْنًا، أَوْ كَانَ دَيْنًا مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارٍ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ الْحَقِّ (الْكِفَايَةُ) فَإِذَا كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مُبَادَلَةً وَمُعَاوَضَةً مَالِيَّةً، وَأَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ بَدَلُ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ كَالْبَيْعِ، وَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْمُبَاشِرِ فَلِذَلِكَ تَرْجِعُ الْحُقُوقُ فِي هَذَا الصُّلْحِ الَّذِي هُوَ فِي مَنْزِلَةِ الْبَيْعِ لِلْمُبَاشِرِ وَلِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى مُوَكِّلِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فَتَلْزَمُ أَيْضًا الْمُوَكِّلَ.

فَعَلَيْهِ إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ أَيْ الْمَدِينُ آخَرَ عَلَى أَنْ يُصَالِحَ الْمُدَّعِيَ عَنْ الدَّعْوَى، وَصَالَحَ ذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ عَلَى بَدَلٍ مَا يَلْزَمُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلَ.

هَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ غَيْرَ مُحْتَمَلِ الْمُعَاوَضَةِ كَالصُّلْحِ عَنْ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ عَنْ إتْيَانٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ.

وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ فِي دَمِ الْعَمْدِ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا وَالْوَكِيلُ فِيهِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

وَلَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِالْمُصَالِحِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٦٢) أَمَّا إذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ نَفْسِهِ كَانَ صَحِيحًا، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالصُّلْحِ أَمْرٌ بِالضَّمَانِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) إلَّا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ ضَمِنَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ بِالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ أَيْ يُؤْخَذُ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ الْوَكِيلِ بِاعْتِبَارِهِ كَفِيلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٧٤) وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ ضَمِنَ بِدُونِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ بِدُونِ أَمْرٍ؛ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَمْرِ فَائِدَةٌ، وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ بِالصُّلْحِ أَمْرٌ مُتَضَمِّنٌ أَدَاءَ بَدَلِ الصُّلْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ أَيْ صَالَحَ الْوَكِيلُ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ عَنْ مَالٍ وَأَضَافَ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ.

مَثَلًا لَوْ صَالَحَ عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا أَوْ عَنْ فَرَسٍ بِفَرَسٍ أُخْرَى، وَأَضَافَ عَقْدَ الصُّلْحِ إلَى نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ.

يَعْنِي يُؤْخَذُ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ تَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ (الزَّيْلَعِيّ) أَمَّا لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَيُطَالَبُ الْمُوَكِّلُ بِالْعِوَضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٦١) .

وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ؛ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَلْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ أَوْ كَانَ بِصُوَرٍ أُخْرَى، أَوْ كَانَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، أَوْ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِدَاءٌ لِلْيَمِينِ، وَقَطْعٌ لِلنِّزَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>