للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتِمَّةٌ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ حَقًّا فِي عَقَارٍ تَحْتَ يَدِ وَرَثَةٍ، وَأَقَامَ دَعْوَاهُ هَذِهِ بِمُوَاجِهَةِ عَدَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَكَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا أَثْنَاءَ ذَلِكَ، وَصَالَحَ الْمُدَّعِي الْحَاضِرِينَ عَنْ عُمُومِ الْوَرَثَةِ عَلَى مَالٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ الْوَرَثَةُ الْحَاضِرُونَ مُتَبَرِّعِينَ فِي حَقِّ شُرَكَائِهِمْ.

وَكَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الْوَرَثَةُ الْحَاضِرُونَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْمُدَّعِي لِلْوَرَثَةِ الْمُصَالِحِينَ، وَأَلَّا يَكُونَ لِغَيْرِهِمْ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَارِثَ يَتَمَلَّكُ حَقَّ الْمُدَّعِي بِهَذَا الْعَقْدِ ثُمَّ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إثْبَاتِ حَقِّهِ فَإِنْ أَثْبَتَ سُلِّمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ بِحِصَّةِ الشُّرَكَاءِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْبَدَلِ (الْخَانِيَّةُ) .

مَسْئُولِيَّةُ الْفُضُولِيِّ عَنْ سَلَامَةِ بَدَلِ الصُّلْحِ إذَا ضُبِطَ بَدَلُ الصُّلْحِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ ظَهَرَ زُيُوفًا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الْفُضُولِيُّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الصُّلْحَ بِنَظَرِهِ فَفِي الصُّورَةُ الْأُولَى يَعْنِي إذَا كَانَ الْفُضُولِيُّ ضَامِنًا لِبَدَلِ الصُّلْحِ يُطَالَبُ الْفُضُولِيُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالضَّمَانِ فَأَصْبَحَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.

أَمَّا فِي الْوُجُوهِ وَالصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَلَا يُطَالَبُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ قَدْ الْتَزَمَ تَسْلِيمَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ.

وَحَيْثُ لَمْ يَتَعَهَّدْ بِإِيفَائِهِ مِنْ مَالٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ مَالٍ آخَرَ؛ إذْ لَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ إلَّا أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَرْكِ دَعْوَاهُ بِدُونِ بَدَلٍ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) .

وَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ بَدَلُ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ أَيْ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَجَازَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي مَنْزِلَةِ التَّوْكِيلِ ابْتِدَاءً، وَالْحُكْمُ بِالتَّوْكِيلِ هُوَ حَسَبُ مَا ذَكَرَ (الشِّبْلِيُّ) وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ الْتَزَمَ هَذَا الْبَدَلَ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَخْرُجُ الْأَجْنَبِيُّ الْفُضُولِيُّ مِنْ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (الْخَانِيَّةُ) ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ (الْخَانِيَّةُ) .

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا، أَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ لَمْ يُضِفْ بَدَلَ الصُّلْحِ لِنَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِيجَابُهُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَحَيْثُ إنَّ سُقُوطَ حَقِّ الْمُدَّعِي بِلَا عِوَضٍ مُخَالِفٌ لِرِضَائِهِ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مَوْقُوفًا (الْكِفَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا، لِأَنَّهُ حَسَبُ أَحْكَامِ الْمَادَّةِ (٥٢) مِنْ الْمَجَلَّةِ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>