للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِقْدَارٍ مِنْهَا، وَأَبْرَأَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَى بَاقِيهَا يَكُونُ قَدْ أَخَذَ مِقْدَارًا مِنْ حَقِّهِ وَتَرَكَ دَعْوَى بَاقِيهَا أَيْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي بَاقِيهَا) .

لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا مُعَيَّنًا كَحَدِيقَةٍ مَثَلًا وَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهَا بِأَنْ كَانَتْ الْحَدِيقَةُ ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ فَصَالَحَ عَلَى مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْهَا فَالصُّلْحُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ فِي صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يُصَالِحَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيُبْرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ دَعْوَى بَاقِيهَا بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ بَرِيءٌ مِنْ دَعْوَى بَاقِيهَا، أَوْ بَرِيءٌ مِنْ بَاقِيهَا، أَوْ لَيْسَ لِي حَقٌّ فِي بَاقِيهَا فَالصُّلْحُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ، وَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ مِقْدَارًا مِنْ حَقِّهِ وَتَرَكَ دَعْوَى بَاقِيهَا أَيْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي بَاقِيهَا (الدُّرَرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا مُعَيَّنًا كَحَدِيقَةٍ مَثَلًا، وَتَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ حَدِيقَةٍ أُخْرَى صَحَّ الصُّلْحُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ هَذَا الصُّلْحِ الْإِبْرَاءُ مِنْ بَاقِيهَا (الدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَالتَّكْمِلَةُ) لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ مُعَاوَضَةٌ بِاعْتِبَارِ جَانِبِ الْمُدَّعِي فَكَأَنَّهُ بَاعَ مَا ادَّعَى بِمَا أَخَذَ، وَتَعْبِيرُ وَأَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَى بَاقِيهَا احْتِرَازٌ عَنْ إبْرَاءِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ دَعْوَى الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَغْصُوبَةً، أَوْ أَمَانَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورُ فِي ضِمْنِ الصُّلْحِ، أَوْ كَانَ أَصَالَةً فَصَحِيحٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

أَمَّا الْإِبْرَاءُ عَنْ نَفْسِ الْعَيْنِ فَتَفْصِيلُهُ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٥٣٦) الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ضَمَّ الْمُدَّعِي عِلَاوَةً عَلَى الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ بَدَلًا آخَرَ مِنْ الْعُرُوضِ، أَوْ النُّقُودِ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ صَحِيحًا أَيْضًا.

مَثَلًا لَوْ حَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْحَدِيقَةِ، وَعَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ عَيْنًا، وَأَخَذَ مُقَابِلَ بَعْضِهِ عِوَضًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ إبْرَاؤُهُ مِنْ دَعْوَى الْبَاقِي.

اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: قَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا، وَأَنَّ الصُّلْحَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الدَّعْوَى أَوْ بِدُونِ عِلَاوَةِ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى الْبَدَلِ.

مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَارًا وَحَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى قِسْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلِلْمُدَّعِي الِادِّعَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَاقِي الدَّارِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ يَكُونُ اُسْتُوْفِيَ بَعْضُهُ وَأُسْقِطَ الْبَعْضُ الْآخَرُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْإِسْقَاطَ يَكُونُ لِلدَّيْنِ، وَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ الْعَيْنِ كَمَا أَنَّ بَعْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>