للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، كَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى مَطْلُوبِهِ الْمُؤَجَّلِ لِمُدَّةٍ عَلَى أَنْ يُمْهِلَهُ مُدَّةً أَزْيَدَ صَحَّ الصُّلْحُ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

أَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى تَأْجِيلِ عَيْنِ مَطْلُوبِهِ بَلْ صَالَحَ مَثَلًا عَلَى الْخَمْسِينَ رِيَالًا الْمُعَجَّلَةَ بِثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ عَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ عَنْ إنْكَارٍ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الَّتِي اُتُّخِذَتْ بَدَلَ صُلْحٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا الطَّرَفُ الْآخَرُ بِعَقْدِ الْمُدَايِنَةِ؛ فَلِذَلِكَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا الصُّلْحِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّأْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ بَلْ يُحْمَلُ بِالضَّرُورَةِ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ نَسِيئَةً، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا الصُّلْحُ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى نِصْفِهَا مُعَجَّلَةً (لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِعَقْدِ الْمُدَايِنَةِ، فَصَارَ مُعَاوَضَةً، وَالْأَجَلُ كَانَ حَقَّ الْمَدِينِ، وَقَدْ تَرَكَهُ بِإِزَاءِ مَا حَطَّهُ عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ فَكَانَ اعْتِيَاضًا عَنْ الْأَجَلِ، وَهُوَ حَرَامٌ) (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) .

أَمَّا إذَا أَبْطَلَ الْمَدِينُ أَجَلَ الدَّيْنِ، وَجَعَلَهُ مُعَجَّلًا، فَيَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إبْطَالُ الْأَجَلِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ لَا تُعَدُّ صُلْحًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمَدِينِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْهُ فَيَسْقُطُ بِالْإِبْطَالِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

مَثَلًا: لَوْ تَصَالَحَ الدَّائِنُ (مَعَ مَدِينِهِ) عَلَى دَيْنِهِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمُعَجَّلَةِ عَلَى سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ صَحِيحٌ، وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ الدَّائِنُ حَقَّ تَعْجِيلِهِ، وَأَسْقَطَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ دَيْنِهِ.

مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ الدَّيْنُ جِهَةَ قَرْضٍ وَحَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى تَأْجِيلِهِ وَإِمْهَالِهِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ (الْخَانِيَّةُ) .

[ (الْمَادَّةُ ١٥٥٤) صَالِح أَحَد عَنْ مَطْلُوبه الَّذِي هُوَ سِكَّة خَالِصَة عَلَى أَنْ يَأْخُذ بَدَّلَهُ سِكَّة مَغْشُوشَة]

الْمَادَّةُ (١٥٥٤) - (إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَنْ مَطْلُوبِهِ الَّذِي هُوَ سِكَّةٌ خَالِصَةٌ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ سِكَّةً مَغْشُوشَةً فَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ طَلَبِهِ سِكَّةً خَالِصَةً) .

أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

فَلِذَلِكَ لَوْ تَصَالَحَ أَحَدٌ عَنْ مَطْلُوبِهِ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ أَوْ عَنْ مَطْلُوبِهِ الْفِضَّةِ بِذَهَبٍ وَقَبَضَ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ صَحَّ الصُّلْحُ، وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

كَذَلِكَ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ - مَثَلًا لَوْ صَالَحَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى مَطْلُوبِهِ الْمَسْكُوكَاتِ الْخَالِصَةِ الْمُعَجَّلَةِ عَلَى مَسْكُوكَاتٍ مَغْشُوشَةٍ مُؤَجَّلَةٍ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ صَحَّ الصُّلْحُ وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ التَّعْجِيلِ، وَحَقَّ الْخُلُوصِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَوَادِّ الثَّلَاثَةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ.

مِثْلَا لَوْ تَصَالَحَ الدَّائِنُ عَلَى مَطْلُوبِهِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ السِّكَّةِ الْخَالِصَةِ الْمُعَجَّلَةِ عَلَى سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ سِكَّةً مَغْشُوشَةً مُؤَجَّلَةً صَحَّ الصُّلْحُ وَيَكُونُ الدَّائِنُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَفِي حَقِّ التَّأْجِيلِ، وَفِي السِّكَّةِ الْخَالِصَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>