للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ قَبْلَ الصُّلْحِ بِأَنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ لَمْ تَكُنْ مَالَهُ وَيُنَفَّذُ الصُّلْحُ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَلِجَوَازِ أَنْ يَمْلِكَهُ قَبْلَ الصُّلْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ افْتَدَى يَمِينَهُ بِالصُّلْحِ، وَافْتِدَاءُ الْيَمِينِ بِالْمَالِ جَائِزٌ فَكَانَ إقْدَامُهُ عَلَى الصُّلْحِ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ فَدَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ صَارَ مُتَنَاقِضًا، وَالْمُنَاقَضَةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ صِحَّةِ الدَّعْوَى (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) .

وَيُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطِ {وَلَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فِي الدَّعْوَى بَعْدَ الصُّلْحِ} مَا يَأْتِي:

١ - الصُّلْحُ فِي حَقِّ الْيَتِيمِ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ، أَوْ وَصِيُّ الْيَتِيمِ عَلَى آخَرَ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْيَتِيمِ فَأَنْكَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَصَالَحَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ إثْبَاتِ الْمُدَّعِي؛ وَلِكَوْنِهِ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ فَلِلْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ، وَيُحْكَمَ لَهُ بالْأرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ الْبَاقِيَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٨) .

٢ - تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَعْدَ الشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَنَاقُضِهِ فَإِنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ ثُمَّ الدَّعْوَى، وَالصُّلْحُ بَعْدَهَا يُنَاقِضُهُ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ ثُمَّ تَصَالَحَ، وَادَّعَى الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الصُّلْحِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَعِنْدَ الْإِثْبَاتِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَلْزَمُ إعَادَةُ بَدَلِ الصُّلْحِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .

وَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بَعْدَ الصُّلْحِ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ، وَالصُّلْحُ بَاطِلٌ (التَّكْمِلَةُ) ٣ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فَرَسًا مُعَيَّنًا، وَأَنْكَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصَالَحَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَالِ فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ لَيْسَتْ مَالَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ الصُّلْحِ بِغَيْرِ حَقٍّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) .

٤ - إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِبَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيُّ حَقٍّ يَبْطُلُ الصُّلْحُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) .

٥ - إذَا تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَأَنْكَرَ الْمُعِيرُ بَعْدَ التَّلَفِ الْإِعَارَةَ، وَادَّعَى غَصْبَهَا، وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى مَالٍ صَحَّ الصُّلْحُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَثْبَتَ الْعَارِيَّةَ تُقْبَلُ، وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ لِظُهُورِ اللَّا شَيْءَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٦ - إذَا فَقَدَ الْحِمْلَ الَّذِي يَحْمِلُهُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ الْحَمَّالُ، وَتَصَالَحَ مَعَهُ صَاحِبُ الْحِمْلِ عَلَى مَالٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْحِمْلُ فَلِصَاحِبِ الْحِمْلِ أَخْذُهُ وَلِلْحَمَّالِ أَيْضًا أَنْ يُبْطِلَ الصُّلْحَ (التَّنْقِيحُ) .

وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَّعِي.

إلَّا أَنَّهُ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا إذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الصُّلْحِ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمُدَّعِي بَدَلَ الصُّلْحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>