للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونَ بَرِيئًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ فَأَعْطَى الْمَدِينَ فِي الْغَدِ النِّصْفَ لِلدَّائِنِ يَبْرَأُ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمَدِينُ النِّصْفَ غَدًا فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ النِّصْفِ وَلِلدَّائِنِ مُطَالَبَتُهُ بِالْكُلِّ إلَّا أَنَّ تَقْيِيدَ الْإِبْرَاءِ بِهَذَا الشَّرْطِ نَافِعٌ لِلدَّائِنِ حَيْثُ إنَّ الدَّائِنَ يَسْتَفِيدُ مِنْ أَخْذِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ بِصَرْفِهَا فِي تِجَارَةٍ نَافِعَةٍ، وَفِي قَضَاءِ دُيُونِهِ، وَيَتَخَلَّصُ مِنْ إفْلَاسِ الْمَدِينِ وَتَعَرُّضِ الدَّيْنِ لِلتَّوَى.

فَإِذَا عُدِمَ الشَّرْطُ بَطَلَ الْإِبْرَاءُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْكَفِيلِ الَّذِي كَفَلَ عَلَى دَيْنٍ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَدْ حَطَطْت عَنْكَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُقَدِّمَ هَذَا الْيَوْمَ كَفِيلًا أَوْ رَهْنًا وَقَبِلَ الْمَدِينُ، وَلَمْ يُقَدِّمْ الْكَفِيلَ، أَوْ الرَّهْنَ يَبْطُلُ الْحَطُّ وَالْإِبْرَاءُ (الْخَانِيَّةُ) .

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ: إذَا لَمْ تُؤَدِّ غَدًا نِصْفَ الدَّيْنِ تَكُونُ مَدِينًا بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَصَالَحْتُك عَلَى نِصْفِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ فَإِذَا أَدَّى غَدًا نِصْفَ الدَّيْنِ يَبْرَأُ مِنْ بَاقِي الدَّيْنِ، فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ يَبْقَى مَدِينًا بِالْكُلِّ.

لِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ بِقَيْدٍ صَرِيحٍ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْقَيْدُ يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْكَفِيلِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ الْأُخْرَى فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ عَلَى أَنَّك إذَا لَمْ تُؤَدِّ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ تَبْقَى الْأَلْفُ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّتِك فَجَائِزٌ وَالْمُقَاوَلَةُ مُعْتَبَرَةٌ (الْخَانِيَّةُ) .

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ النِّصْفَ الْآخَرَ غَدًا يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ فِي الْحَالِ فِي النِّصْفِ سَوَاءٌ أَدَّى الْمَدِينُ النِّصْفَ الْآخَرَ غَدًا، أَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْبَرَاءَةَ فِي ابْتِدَاءِ كَلَامِهِ مُطْلَقًا ثُمَّ أَتَى ذِكْرُ الْأَدَاءِ، وَلَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ غَيْرَ صَالِحٍ لَأَنْ يَكُونَ عِوَضًا فَلَمْ يَبْقَ احْتِمَالٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَدَاءُ شَرْطًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذِكْرَ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ جَعَلَهُ مَشْكُوكًا فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَصْبَحَ كَوْنُ الْأَدَاءِ شَرْطًا غَيْرَ مُتَحَقِّقٍ وَبَقِيَتْ الْبَرَاءَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَأَصْبَحَ الْأَدَاءُ وَعَدَمُهُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ فِي الْإِبْرَاءِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ الدَّائِنُ: أَعْطِنِي نِصْفَ دَيْنِي عَلَى أَنْ تَكُونَ بَرِيئًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ وَلَمَّا كَانَ لَمْ يَذْكُرْ وَقْتًا لِأَدَاءِ النِّصْفِ أَصْبَحَ الْإِبْرَاءُ فِي النِّصْفِ صَحِيحًا، وَكَانَ هَذَا الْإِبْرَاءُ إبْرَاءً مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَقْتٌ لِأَدَاءِ النِّصْفِ، وَكَانَ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَى الْمَدِينِ فِي مُطْلَقِ الْأَزْمَانِ فَأَصْبَحَ شَرْطُ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الْإِبْرَاءُ بِهِ فَحُمِلَ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ، وَلَا يَصْلُحُ عِوَضًا.

ثَالِثًا: الْإِبْرَاءُ الْمُعَلَّقُ وَيُقَالُ لَهُ: الْإِبْرَاءُ الْمُعَلَّقُ عَلَى صَرِيحِ الشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ مَا كَانَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَهَذَا الْإِبْرَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ لِرَدِّهِ بِالرَّدِّ، وَتَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ عَلَى شَرْطٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْإِبْرَاءُ إسْقَاطٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْقَبُولِ، وَتَعْلِيقُ الْإِسْقَاطِ عَلَى شَرْطٍ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ نُظِرَ إلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ، وَفِيهَا بِعَدَمِ جَوَازِهِ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ وَنُظِرَ إلَى جِهَةِ الْإِسْقَاطِ وَقِيلَ بِجَوَازِ تَقْيِيدِهِ بِالشَّرْطِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

مَثَلًا لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدِينِهِ: فِي أَيْ وَقْتٍ، أَوْ فِي أَيْ زَمَنٍ تُؤَدِّي لِي ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمِ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْك فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأُدِّيَ الدَّائِنُ الثَّمَانِمِائَةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>