للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذُكِرَ لَفْظُ الصُّلْحِ، أَوْ لَمْ يُذْكَرْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .

وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ بِالشَّرْطِ كَمَا إذَا قَالَ لِمَدِينِهِ: إذَا مِتَّ (بِنَصْبِ تَاءِ الْخِطَابِ) فَأَنْتَ بَرِيءٌ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ.

أَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ مِتُّ (بِضَمِّ التَّاءِ) فَأَنْتَ بَرِيءٌ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا عَلَّقَهُ بِكَائِنٍ كَقَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ تَنْجِيزٌ.

إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ صُوَرُ التَّعْلِيقِ هِيَ مَعْنَى إجَارَةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ صَحِيحًا.

مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمَدِينِهِ: إذَا قُمْت بِعَمَلِي هَذَا، أَوْ إنْ خِطْت ثِيَابِي، أَوْ نَقَلْت مَتَاعِي هَذَا إلَى بَيْتِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْك، وَقَامَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِذَلِكَ الْعَمَلِ يَبْرَأُ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .

[ (الْمَادَّةُ ١٥٦٣) لَيْسَ لِلْإِبْرَاءِ شُمُولٌ لِمَا بَعْدَهُ]

الْمَادَّةُ (١٥٦٣) - (لَيْسَ لِلْإِبْرَاءِ شُمُولٌ لِمَا بَعْدَهُ. يَعْنِي إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ تَسْقُطُ حُقُوقُهُ الَّتِي قَبْلَ الْإِبْرَاءِ أَمَّا حُقُوقُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَلَهُ الِادِّعَاءُ بِهَا) .

لَا يَشْمَلُ الْإِبْرَاءُ مَا بَعْدَهُ أَيْ لَا يَشْمَلُ الْحُقُوقَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ زَمَنِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ فَرْعٌ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ فَلَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا.

فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الدَّائِنُ قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ الْفَرَسِ الَّذِي بِعْته لَك بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، وَإِنَّكَ قَدْ أَقْرَرْت بِذَلِكَ فَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ.

يَعْنِي إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ تَسْقُطُ حُقُوقُهُ الَّتِي يَشْمَلُهَا الْإِبْرَاءُ سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ، أَوْ وَقْتَهُ فَلِذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَأَقَرَّ الْمَدِينُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِتِلْكَ الدَّنَانِيرِ فَلَا يُؤَاخَذُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٥١) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

أَمَّا حُقُوقُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَلَهُ الِادِّعَاءُ بِهَا فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِشَاهِدَيْنِ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمَذْكُورَةِ وَأَثْبَتَ دَفْعَهُ هَذَا بِشَاهِدَيْنِ يُنْظَرُ: فَيُبْحَثُ عَنْ تَارِيخِ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ فَإِذَا كَانَ تَارِيخُ الْإِبْرَاءِ مُؤَخَّرًا عَنْ تَارِيخِ الدَّيْنِ يُحْكَمُ بِالْإِبْرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ.

أَمَّا إذَا وُجِدَ تَارِيخُ الدَّيْنِ مُؤَخَّرًا عَنْ تَارِيخِ الْإِبْرَاءِ فَيُحْكَمُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالدَّيْنِ.

وَإِذَا وُجِدَ تَارِيخُهُمَا مُسَاوِيًا، أَوْ لَمْ يُبَيَّنْ تَارِيخُهُمَا أَوْ بُيِّنَ تَارِيخُ الدَّيْنِ، وَلَمْ يُبَيَّنْ تَارِيخُ الْإِبْرَاءِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ يُحْكَمُ بِالْإِبْرَاءِ، وَلَا يَأْخُذُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا، لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ ثَابِتًا قَبْلَ الْإِبْرَاءِ وَسَاقِطًا بِالْإِبْرَاءِ كَمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ ثَابِتٌ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَغَيْرُ سَاقِطٍ بِهِ فَحَصَلَ شَكٌّ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ، وَالْحُكْمُ بِالشَّكِّ غَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤) ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الدَّيْنَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَيَجِبُ قَبُولُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْمُوجِبُ وَالْمُسْقَطُ فَيُعْتَبَرُ أَنَّ الْمُسْقَطَ الْآخَرَ وَاقِعٌ لِأَنَّ السُّقُوطَ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ، أَوْ لَمْ يَقَعْ.

كَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مَالًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْإِرْثِ فَإِذَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمُورَثِ وَقَعَتْ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَلَوْ كَانَ يَجْهَلُ حِينَ الْإِبْرَاءِ وَفَاةَ مُورَثِهِ فَلَوْ أَبْرَأَهُ مُطْلَقًا، أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ كَانَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِقْرَارِ مَشْغُولَ الذِّمَّةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَتْرُوكِ أَبٍ الْمُقِرِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُقِرُّ بِذَلِكَ يَعْمَلُ الْإِقْرَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>