للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (الْمَادَّةُ ١٥٦٧) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْرَءُونَ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ]

الْمَادَّةُ (١٥٦٧) - (يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْرَءُونَ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَبْرَأْتُ كَافَّةَ مَدِينَيَّ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ أَحَدٍ حَقٌّ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُ أَهَالِيَ الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ مُعَيَّنِينَ وَعِبَارَةً عَنْ أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ)

يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْرَءُونَ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِبْرَاءُ إسْقَاطًا أَمْ اسْتِيفَاءً؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ هُوَ مِنْ وَجْهِ تَمْلِيكٍ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُمَلَّكُونَ مَعْلُومِينَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الْمُبْرَأُ مِنْهُ، وَالْمُسْقَطُ مَعْلُومًا فَلِذَلِكَ لَا تَمْنَعُ الْجَهَالَةُ فِي الدَّيْنِ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ.

كَذَلِكَ إذَا حَلَّلَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَهُ يَبْرَأُ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا الْمُبْرِئُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ، وَجَهَالَةُ السَّاقِطِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاشٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ لِيُفْضِيَ إلَى الْمُنَازَعَةِ.

أَمَّا دِيَانَةً فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْرَأُ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ.

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَالْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَبْرَأْتُ كَافَّةَ مَدِينَيَّ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ أَحَدٍ حَقٌّ أَوْ لَيْسَ لِي دَيْنٌ عِنْدَ أَحَدٍ أَوْ إنَّنِي لَمْ أُدِنْ أَحَدًا، أَوْ قَالَ: كُلَّمَا كَانَ لِي دَيْنٌ عِنْدَ أَحَدٍ فَقَدْ اسْتَوْفَيْتُهُ، أَوْ قَالَ قَدْ اسْتَوْفَيْتُ مَطْلُوبَاتِي مِنْ جَمِيعِ مَدِينِيَّ، أَوْ قَالَ: اسْتَوْفَيْتُ دَيْنِي مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، أَوْ إنَّنِي لَمْ أُدِنْ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ.

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: قَدْ قَبَضْت جَمِيعَ تَرِكَةِ مُورَثِي، أَوْ قَالَ وَاحِدٌ: لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيَّ دَيْنٌ وَلَيْسَ لِي عَلَى أَحَدٍ دَيْنٌ، أَوْ قَالَ كُلُّ شَخْصٍ مَدِينٌ لِي فَهُوَ بَرِيءٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إبْرَاءً عَامًّا، وَلَا إبْرَاءً خَاصًّا بَلْ يَكُونُ إقْرَارًا مُجَرَّدًا فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَالتَّنْقِيحُ) .

مَثَلًا: إذَا سَلَّمَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَمْوَالَ التَّرِكَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ لِوَلَدِ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ إثْبَاتِ الرُّشْدِ وَأَقَرَّ الْوَلَدُ قَائِلًا: قَدْ قَبَضْت جَمِيعَ مَا تَرَكَهُ وَالِدِي قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ غَيْرَ صَحِيحٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ إبْرَاءَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ، أَوْ دَيْنٍ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَلَدِ الْوَارِثِ عَلَى الْوَصِيِّ بِقَوْلِهِ: قَدْ بَقِيَ فِي ذِمَّتِكَ مِنْ مَالِ التَّرِكَةِ كَذَا وَيُقْبَلُ إثْبَاتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَبْرَأْتُ أَهَالِيَ الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، أَوْ إنَّنِي اسْتَوْفَيْتُ دُيُونِي مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَشْخَاصًا مُعَيَّنِينَ وَمَعْدُودِينَ فَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُمْ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ وَإِبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٤٦) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مُنَازَعٍ وَمُطَالَبٍ عَنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي، أَوْ لَيْسَ هُوَ مِلْكِي، أَوْ لَيْسَ لِي حَقٌّ فِيهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إبْرَاءً؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُثْبِتُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ حَقًّا لِأَحَدٍ، وَالْإِقْرَارُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَرِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>