للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (الْمَادَّةُ ١٥٦٨) لَا يَتَوَقَّفُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ]

الْمَادَّةُ (١٥٦٨) - (لَا يَتَوَقَّفُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَكِنْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَلِذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْإِبْرَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِقَوْلِهِ: لَا أَقْبَلُ الْإِبْرَاءَ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا. يَعْنِي لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ. لَكِنْ لَوْ رَدَّهُ بَعْدَ قَبُولِ الْإِبْرَاءِ فَلَا يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ. وَأَيْضًا إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ، أَوْ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ، وَرَدَّ ذَلِكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، أَوْ الْكَفِيلُ لَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا) .

لَا يَتَوَقَّفُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَالْإِسْقَاطُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ إبْرَاءً مِنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَبَدَلِ السَّلَمِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ يَتَضَمَّنُ بُطْلَانَ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ عَائِدٌ لِلطَّرَفَيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) .

وَلَكِنْ يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ بِرَدِّ الْمُبْرَأِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ هُوَ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطٌ، وَمِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ فَلِكَوْنِهِ إسْقَاطًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَبِاعْتِبَارِهِ تَمْلِيكًا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمُقَرِّ لَهُ تَكْذِيبٌ لِلْمُقِرِّ، وَالْكَذِبُ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْحُجَجِ (مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ فِي الْإِقْرَارِ) حَتَّى إنَّ الْمُبْرَأَ إذَا صَدَّقَ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ رَدِّهِ إيَّاهُ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ التَّصْدِيقِ إلَّا فِي الْوَقْفِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) .

فَلِذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ قَبِلْتُ، أَوْ سَكَتَ يَتِمُّ الْإِبْرَاءُ وَيَلْزَمُ.

وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا أَثْنَاءَ ذَلِكَ وَرَدَّ الْإِبْرَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِقَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ، أَوْ كَانَ غَائِبًا فَرَدَّ الْإِبْرَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي عَلِمَ فِيهِ بِالْإِبْرَاءِ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا بِالِاتِّفَاقِ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَلْ رَدَّهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ مَرْدُودًا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ مَرْدُودًا لِأَنَّهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ بِالدَّيْنِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) .

فَإِذَا عُدَّ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ، فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَيَكُونُ قَدْ اُخْتِيرَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

أَمَّا إذَا قِيلَ: إنَّهُ قَيْدٌ وُقُوعِيٌّ فَلَا يَكُونُ مُنْحَصِرًا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يُرَدُّ بِالرَّدِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ: أَوَّلًا: إذَا رَدَّ الْمُبْرَأُ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَبُولِهِ إيَّاهُ، أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ قَبُولِهِ، أَوْ رَدِّهِ لَهُ فَلَا يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ الْحَقُّ بِقَبُولِ الْإِبْرَاءِ، وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥١) .

ثَانِيًا: إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ.

ثَالِثًا: إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ أَيْ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ وَرَدَّ ذَلِكَ الْإِبْرَاءَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، أَوْ الْكَفِيلُ لَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الإبراءين هُمَا إسْقَاطٌ مَحْضٌ، وَلَيْسَ فِيهِمَا تَمْلِيكٌ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ؛ لِأَنَّ تَمَامَهُ يَكُونُ بِالْإِسْقَاطِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (٦٦٠ وَ ٦٩٩) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ فِي الْكَفَالَةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>