للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقْرَارُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ هِبَةً وَالْحَالُ أَنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٥٩) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (١٥٧٢) .

أَمَّا إقْرَارُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا مَأْذُونِيَّتُهُ كَالْكَفَالَةِ وَالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِأَنَّهُ كَفِيلٌ لِفُلَانٍ فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٢٨) ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً كَمَا أَنَّ الْمَهْرَ هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ، وَالْجِنَايَةُ لَا تَتَضَمَّنُ الْمُبَادَلَةَ مُطْلَقًا فَلِذَلِكَ لَا تُعَدُّ هَذِهِ الْأُمُورُ مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ الَّتِي هِيَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ (الزَّيْلَعِيّ) .

[ (الْمَادَّةُ ١٥٧٤) لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ عَاقِلًا]

الْمَادَّةُ (١٥٧٤) - (لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ عَاقِلًا بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِلصَّغِيرِ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ يَصِحُّ، وَيَلْزَمُهُ إعْطَاءُ ذَلِكَ الْمَالِ) .

لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ عَاقِلًا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ عَاقِلًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَاقِلِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ.

فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ لِلصَّغِيرِ الرَّضِيعِ أَوْ لِلْمَجْنُونِ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا لَا يُمْكِنُ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَمَلُهُ أَيْ أَنَّ بَيَانَ السَّبَبِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا يَمْنَعُ حُجِّيَّةَ الْإِقْرَارِ.

مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْ الرَّضِيعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الرَّضِيعِ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ، وَيُؤْخَذُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِنْهُ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ اقْتِدَارِ الرَّضِيعِ عَلَى الْإِقْرَاضِ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اسْتَقْرَضْتُ مِنْ الرَّضِيعِ، عَلَى مَعْنَى: اسْتَقْرَضْتُ أَوْ اشْتَرَيْتُ مِنْ وَلِيِّ، أَوْ وَصِيِّ الرَّضِيعِ.

وَيُعَدُّ جَائِزًا بِإِضَافَتِهِ لِلصَّغِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٦٠ و ٦١) (الْحَمَوِيُّ وَجَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٥٨٧) إعْطَاءُ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ.

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الصَّغِيرِ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَنِينًا؛ إذْ يُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي إقْرَارِ الْمَالِ لِلْجَنِينِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - إبْهَامُ الْإِقْرَارِ كَقَوْلِ الْمُقِرِّ: إنَّنِي مَدِينٌ لِحَمْلِ فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارِ الَّذِي لَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ سَبَبٌ صَالِحٌ كَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ أَوْ سَبَبٌ غَيْرُ صَالِحٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ يَنْصَرِفُ إلَى سَبَبِ التِّجَارَةِ، وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ الْآتِيَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَالْإِقْرَارُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ صَحِيحٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِح.

إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ رَجَّحُوا قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - الْإِقْرَارُ بِبَيَانِ سَبَبٍ صَالِحٍ.

إنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ.

مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِحَمْلِ الْمَرْأَةِ الْفُلَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ وَالِدَهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لَهُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>