للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ ذَلِكَ، أَوْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، أَوْ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ، أَوْ قَوْلُهُ: اشْهَدُوا بِأَنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ، أَوْ قَوْلُهُ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ، أَوْ عَلَى عِلْمِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ ٠ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ دَفَعَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَدْفُوعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ.

وَلَوْ قَالَ: وَجَدْتُ فِي دَفْتَرِي أَنَّهُ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ: إنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَا عَلَيْهِ صِيَانَةً لِلنَّاسِ وَلِلْبِنَاءِ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ (التَّكْمِلَةُ) وَلِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ لَفْظَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ حَتَّى إذَا طَلَبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ وَلَمْ يُنَجِّزْ، وَاللُّزُومُ حُكْمُ التَّنْجِيزِ لَا التَّعْلِيقِ.

وَلِأَنَّ مَشِيئَةَ فُلَانٍ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ كَلِمَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْصُولَةً بِإِقْرَارِهِ بَلْ قَالَهَا مَفْصُولَةً فَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ تَمَّ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَحْصُلْ عَدَمُ الْوَصْلِ بِأَحَدِ الْأَعْذَارِ، كَالنَّفَسِ وَالسُّعَالِ وَأَخْذِ الْفَمِ (التَّنْوِيرُ وَالتَّكْمِلَةُ) .

وَقُيِّدَ بِالْوَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَفْصُولًا لَا يُؤَثِّرُ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ.

كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَمْ تَكُنْ مَشِيئَتُهُ مَعْلُومَةً كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ.

مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إذَا شَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ (التَّكْمِلَةُ) .

فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّهُ قَالَ لَفْظَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ يُنْظَرُ: فَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي بِحَقِّهِ، وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَالْمُقِرُّ يُنْكِرُ دَيْنَهُ، وَإِقْرَارَهُ فَبَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعِي إقْرَارَهُ، فَإِذَا ادَّعَى بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اللَّفْظَ فَعَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ، وَإِلَّا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُرِيدُ إبْطَالَ حَقِّ الْغَيْرِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ.

أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ ابْتِدَاءً: إنَّنِي أَقْرَرْتُ بِأَنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَثْنَيْتُ ذَلِكَ فِي إقْرَارِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَكَأَنَّهُ قَدْ قَالَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ صَدَرَ هَذَا التَّعْلِيقُ مِنْ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلْإِقْرَارِ أَيْضًا.

(التَّكْمِلَةُ) .

مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ عَقْدًا قَابِلًا لِلْخِيَارِ كَأَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ نَاتِجٍ عَنْ عَقْدٍ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ.

مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخِرِ: إنَّنِي مَدِينٌ لَك بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْك عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ.

كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِهِ مِنْ جِهَةِ كَفَالَةٍ كَانَ مُخَيَّرًا فِيهَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ.

وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ الْخِيَارَ فَعَلَى الْمُقِرِّ إثْبَاتُ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ فَالْقَوْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

مِثَالٌ لِلْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ: وَلَكِنْ إذَا قَالَ، إنْ أَتَى أَوَّلُ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ يَوْمٌ قَاسِمٌ، أَوْ يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنَّنِي مَدِينٌ لَك بِكَذَا.

فَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ تَعْلِيقٌ صَالِحٌ لِحُلُولِ الْأَجَلِ، وَأَصْبَحَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ لَيْسَ تَعْلِيقَ الْإِقْرَارِ بِشَرْطٍ بَلْ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَجَلَ يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٠) لِأَنَّ مِنْ الْعَادَةِ ذِكْرَ ذَلِكَ لِبَيَانِ مُدَّةِ الْأَجَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>