للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ بِوَارِثٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ وَتَرَكَ وَارِثًا مُنْكِرًا لِمَا أَقَرَّ بِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ لِحُجَّةِ الْجَامِعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ وَارِثًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ مَعًا، وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَارِثًا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْوَارِثَةِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ، وَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (١٥٩٨) .

الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَارِثًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْوِرَاثَةِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ وَهَذَا الْإِقْرَارُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ لِأَحَدِ إخْوَانِهِ لِأَبَوَيْهِ بِمَالِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَلَدُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ فَإِقْرَارُهُ لِأَخِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ.

كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ بِمَالِ، وَأَبَانَهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مُتَّهَمٌ فِي إقْرَارِهِ لِلتَّطْلِيقِ.

وَالزَّوَاجُ وَالْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ.

لِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْإِقْرَارِ هُوَ السَّبَبُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَبَقَاءُ الْوِرَاثَةِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ السَّبَبُ فَالْإِقْرَارُ يَكُونُ صَحِيحًا.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْرَ وَارِثٍ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَفِي وَقْتِ الْمَوْتِ مَعًا، وَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٥٩٦) .

الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَارِثًا وَقْتَ الْمَوْتِ وَيُوَضَّحُ حُكْمُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي، وَهُوَ: إذَا كَانَتْ وِرَاثَةُ الْمُقَرِّ لَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ لِسَبَبٍ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَالْإِقْرَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِذَا كَانَ لِسَبَبٍ جَدِيدٍ، فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُوَضَّحُ فِي الْفِقْرَاتِ الْآتِيَةِ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ غَيْرَ وَارِثٍ لِلْمُقِرِّ ثُمَّ أَصْبَحَ وَارِثًا لَهُ وَقْتَ الْوَفَاةِ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا تَمْنَعُ الْوِرَاثَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ.

فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا.

لِأَنَّهُ حِينَ وُقُوعِ الْإِقْرَارِ كَانَ الْإِقْرَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ لِوَارِثٍ فَلِذَلِكَ يَكُونُ نَافِذًا وَلَازِمًا، وَلَا يَبْطُلُ بَعْدَ ذَلِكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

مَثَلًا لَوْ وَهَبَ، أَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِمَالِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ، وَالْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَالْهِبَةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ أَيْضًا، وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ تَكُونُ وَارِثَةً بَعْدَ الْمَوْتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>