للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ (الْغَيْرُ مَدِينٍ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ الْمَرِيضُ مَدِينًا بِدَيْنِ صِحَّةٍ، فَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْعَيْنِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ.

وَقَدْ فُسِّرَ لَفْظُ أَجْنَبِيٍّ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِغَيْرِ الْوَارِثِ وَعَلَيْهِ فَابْنُ الِابْنِ - إذَا وُجِدَ الِابْنُ - أَجْنَبِيٌّ بِحَسَبِ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِقْرَارُهُ لِابْنِ ابْنِهِ مُعْتَبَرٌ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الْمُسْلِمِ لِزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ بِمَالِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مُعْتَبَرٌ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهَا بِشَيْءٍ فَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا طَلَّقَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ زَوْجَتَهُ بَائِنًا بِطَلَبٍ مِنْهَا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِمَالِ، وَتُوُفِّيَ الْمَرِيضُ، وَكَانَتْ فِي الْعِدَّةِ فَيُعْطَى لِلْمُقَرِّ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ، وَمِنْ الْمُقَرِّ بِهِ.

وَهَذَا الْإِعْطَاءُ هُوَ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ بِحُكْمِ الْإِرْثِ.

أَمَّا إذَا كَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ.

كَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ زَوْجَتَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهَا وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِقْرَارُ بِالِابْتِدَاءِ.

إنَّ الْإِقْرَارَ بِالِابْتِدَاءِ هُوَ إقْرَارٌ صُورَةً، إلَّا أَنَّهُ - حَقِيقَةً - تَمْلِيكٌ ابْتِدَاءً وَمُجَدَّدًا حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ مَمْنُوعٌ مِنْ الْهِبَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّمْلِيكِ بِصُورَةِ الْهِبَةِ بَلْ مُلِكَ بِصُورَةِ الْإِقْرَارِ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّنْقِيحِ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ ابْتِدَاءً، وَحُمِلَ عَلَى الْهِبَةِ لَزِمَ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ.

وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْإِقْرَارِ يُوَضَّحُ بِالْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ كَذِبُ الْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ بِكَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ أَيْ أَنَّهُ مَعْلُومٌ بَقَاءُ مِلْكِ الْمَرِيضِ لِلْمُقَرِّ بِهِ بِأَنْ كَانَ قَدْ بِيعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْبُرْهَةِ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، أَوْ انْتَقَلَ لَهُ إرْثًا مِنْ آخَرَ.

فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُنْظَرُ، وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَمْ يَذْكُرْ عِبَارَةَ (مَعْلُومًا لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ) بَلْ ذَكَرَ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُ عِبَارَةِ (مَعْلُومًا لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ) .

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ أَثْنَاءَ بَحْثِ وَصِيَّةً كَأَنْ يُقَالَ لِلْمَرِيضِ: أَلَا تُوصِي إلَى فُلَانٍ.

أَوْ إنَّ فُلَانًا فَقِيرٌ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلْوَصِيَّةِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِتَمَامِ الْهِبَةِ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (٨٣٧) حَتَّى إنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الِابْنُ بِأَنَّ الْفَرَسَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ وَالِدِهِ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ هِيَ لِفُلَانٍ وَتُوُفِّيَ وَالِدُهُ، وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ مُعْتَبَرٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الِابْنِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا بِوَفَاةِ الِابْنِ أَوْ لَا، أَوْ صَحِيحًا بِوَفَاةِ الْأَبِ أَوْ لَا فَيَكُونُ كَالْإِقْرَارِ ابْتِدَاءً فِي حَالِ الْمَرَضِ.

وَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ أَثْنَاءَ الْبَحْثِ فِي وَصِيَّةٍ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>