للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ، فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَابَلَةً لِدَعْوَاهُ هَذِهِ قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْتُك الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فَقَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ دَعْوَى حَيْثُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٥٨) أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَالْإِيفَاءُ دَعْوَى دَيْنٍ.

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ أَبْرَأْتَنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا الْقَوْلُ مَعْنَى دَعْوَى تَمْلِيكٍ (ابْنِ عَابِدِينَ، الْبَحْرُ) .

وَيُقَالُ لَهُ أَيْ لِلطَّالِبِ الْمُدَّعِي، وَلِلْآخَرِ أَيْ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

فَإِذَا فُصِّلَتْ هَذِهِ التَّعَارِيفُ أَصْبَحَ تَعْرِيفُ الْمُدَّعِي هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يَطْلُبُ حَقَّهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَتَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ حَقٌّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي.

إلَّا أَنَّ هَذِهِ التَّعَارِيفَ مُنْتَقَضَةٌ بِدَفْعِ الدَّعْوَى حَيْثُ إنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّنِي أَوْفَيْتُكَ تِلْكَ فَهُوَ فِي مَفْهُومِ طَلَبِ حَقِّهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي.

اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٥٨) .

بِنَاءً عَلَيْهِ يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُعَرَّفَ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي إذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا أَيْ الَّذِي لَا يُجْبَرُ عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ.

وَتَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي إذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا.

مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مَعَ آخَرَ دَعْوَى تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصٍ مَا وَلَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الدَّعْوَى قَائِلًا: ادَّعِ عَلَيَّ بِذَلِكَ الْخُصُوصِ لِتَفْصِلَ الدَّعْوَى بَيْنَنَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) .

وَهَذِهِ التَّعَارِيفُ لَا تُنْتَقَضُ بِدَفْعِ الدَّعْوَى الْمُبَيَّنِ آنِفًا إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الدَّافِعُ مُدَّعِيًا، وَلَهُ تَرْكُ دَفْعِهِ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فِي الْمَحْكَمَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِهِ.

إنَّ تَفْرِيقَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ مَسَائِلِ الدَّعْوَى الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ.

حَيْثُ إذَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا لَا يُعْلَمُ لِمَنْ يَكُونُ الْإِثْبَاتُ، وَلَا لِمَنْ يَكُونُ الْيَمِينُ.

أَلَا يُرَى أَنَّ كَلَامَ شَخْصٍ يَكُونُ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى؟ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مَعْنًى لَيْسَ بِدَعْوَى بَلْ إنْكَارًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ.

مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ صُورَةً مُدَّعِيًا إلَّا أَنَّهُ مَعْنًى مُنْكِرٌ لِلُزُومِ الرَّدِّ وَالضَّمَانِ وَلِانْشِغَالِ الذِّمَّةِ وَحَيْثُ إنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الرَّدِّ وَالضَّمَانِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ رَدَّ وَأَعَادَ الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى النَّفْيِ أَبَدًا (الدُّرَرُ) حَيْثُ إنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعَانِي لَا الْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٨ وَ ٣) (الْهِدَايَةُ) .

وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مُنْكِرًا بَلْ هُوَ مُدَّعٍ انْشِغَالَ ذِمَّةِ الْمُسْتَوْدَعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

تَقْسِيمُ الدَّعْوَى - الدَّعْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ وَهِيَ الدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ إحْضَارِ الْخَصْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>