للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ هُوَ التَّصَرُّفُ الَّذِي يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ أَوْ حَلُّهُ، إذَا كَانَ مِلْكًا، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ الَّذِي أُوقِعَ فِيهِ التَّصَرُّفُ مِلْكَ الْمُبَاشِرِ إذَا كَانَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَصَرِّفُ أَجْرَى ذَلِكَ التَّصَرُّفَ أَصَالَةً كَتَعْمِيرِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ هَدْمِهَا أَوْ إسْكَانِ آخَرَ فِيهَا وَلَوْ بِلَا أَجْرٍ أَوْ تَشْيِيدِهَا أَوْ سُكْنَاهُ فِيهَا بِالذَّاتِ أَوْ وَضْعِ أَشْيَائِهِ فِيهَا إذَا كَانَتْ أَبْنِيَةً، وَإِذَا كَانَ حَيَوَانًا الرُّكُوبُ عَلَيْهِ وَأَخْذُ لَبَنِهِ، وَاذَا كَانَتْ أَرْضًا زِرَاعَتُهَا وَإِسْقَاءُ الزَّرْعِ الَّذِي فِيهَا أَوْ حَصْدُهُ، وَإِذَا كَانَ ثِيَابًا لُبْسُهَا وَقَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا التَّعْبِيرِ فِي الْمَوَادِّ (٣١٢ و ٣٢٥ و ٣٥٩ و ٥٩٦ ١) .

فَالْمُقِيمُ فِي الدَّارِ وَالزَّارِعُ الْأَرْضَ وَاللَّابِسُ الثِّيَابَ وَالرَّاكِبُ الْفَرَسَ وَالْوَاضِعُ السَّاعَةَ فِي جَيْبِهِ هُوَ ذُو الْيَدِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِذِي الْيَدِ وَلَا سِيَّمَا حَالَ الْمُحَاكَمَةِ الْوَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ أَثْنَاءَ الْمُرَافَعَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ بَلْ هُوَ ذُو الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ سَوَاءٌ كَانَ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ. مَثَلًا إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ يَدَهُ عَلَى عَقَارٍ كَانَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِإِحْدَاثِ يَدِهِ وَاضِعَ الْيَدِ بِحَقٍّ عَلَى ذَلِكَ الْعَقَارِ، كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكَهُ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ ذَا الْيَدِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بَلْ يُعْتَبَرُ خَارِجًا وَتُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَهُ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الدَّعْوَى وَالتَّكْمِلَةُ عَلَى الْبَحْرِ) .

فَلِذَلِكَ إذَا غَصَبَ أَحَدٌ أَرْضًا وَزَرَعَهَا فَادَّعَى آخَرُ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ غَصَبَهَا مِنْهُ وَأَثْبَتَ الْغَصْبَ وَإِحْدَاثَ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ خَارِجًا وَالْمُدَّعِي ذَا الْيَدِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْغَصْبَ وَإِحْدَاثَ الْيَدِ فَالزَّارِعُ ذُو الْيَدِ وَالْمُدَّعِي هُوَ الْخَارِجُ.

وَقَدْ جَاءَ فِي تَكْمِلَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عَقَارٌ فَأَحْدَثَ الْآخَرُ عَلَيْهِ يَدَهُ لَا يَصِيرُ بِهِ ذَا يَدٍ فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّك أَحْدَثْت الْيَدَ وَكَانَ بِيَدِهِ فَأَنْكَرَ يُحَلَّفُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْيَدَ الظَّاهِرَةَ لَا اعْتِبَارَ لَهَا.

فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدٌ مُتَصَرِّفًا فِي مَالٍ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ بِهِ الْآخَرُ مُطْلَقًا فَالْمُتَصَرِّفُ هُوَ ذُو الْيَدِ وَيُعْتَبَرُ الْآخَرُ خَارِجًا.

أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ شَخْصَانِ فِي مَالٍ فَفِي ذَلِكَ صُورَتَانِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُمَا مُتَسَاوِيًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الِاثْنَانِ ذَوَيْ الْيَدِ.

مَثَلًا إذَا رَكِبَ اثْنَانِ عَلَى سَرْجِ حَيَوَانٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ ذُو الْيَدِ مُسْتَقِلًّا فَيُعَدُّ الِاثْنَانِ ذَوَيْ الْيَدِ بِالِاشْتِرَاكِ، كَذَلِكَ إذَا رَكِبَ اثْنَانِ عَلَى حَيَوَانٍ عَارٍ فَالْحُكْمُ حَسَبَ الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ؛ كَذَلِكَ إذَا كَانَ طَرَفُ الثِّيَابِ فِي يَدِ أَحَدٍ وَطَرَفُهَا الْآخَرُ فِي يَدِ آخَرَ وَادَّعَى كِلَاهُمَا وَضَاعَةَ الْيَدِ مُسْتَقِلًّا فَيُعْتَبَرُ الِاثْنَانِ ذَوِي الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الثِّيَابِ مُنَاصَفَةً وَمُشَارَكَةً وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَابِضًا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ يَدُ الِاثْنَيْنِ عَلَى تِلْكَ الثِّيَابِ وَلَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ بِكَثْرَةِ الدَّلِيلِ (الدُّرَرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٣ أَوْ الْمَادَّةِ ١٧٣٢) وَشَرْحَهَا.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُمَا مُتَسَاوِيًا وَهَذَا يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا أَظْهَرَ وَأَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>