للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشْهَدُوا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ وَالْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَدْ انْتَحَلَا اسْمَ وَنَسَبَ غَيْرِهِمَا وَاتَّفَقَا عَلَى اغْتِصَابِ حَقِّ الْغَيْرِ. وَمَثَلًا إذَا أَرَادَ زَيْدٌ بَيْعَ مَالِهِ لِعَمْرٍو وَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ أَثْنَاءَ الْبَيْعِ لِيَشْهَدَا بِالْبَيْعِ فَإِذَا كَانَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ لَا يَعْرِفَانِ زَيْدًا وَعَمْرًا فَلَا يَكْتَفِيَانِ بِقَوْلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (إنَّ أَحَدَنَا عَمْرُو بْنُ فُلَانٍ وَالْآخَرَ زَيْدُ بْنُ فُلَانٍ) بَلْ إنَّ لَهُمَا أَنْ يَسْأَلَا عَنْهُمَا مِنْ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ آبَاءَهُمَا وَأَجْدَادَهُمَا وَبَعْدَ أَنْ يَعْرِفَا نَسَبَهُمَا بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَادِلَيْنِ لَهُمَا بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ فَلَهُمَا تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْرُوفًا وَمَشْهُودًا عِنْدَ النَّاسِ فَلَا حَاجَةَ لِتَعْرِيفِهِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُشَاهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشُّهُودَ حِينَ تَحَمُّلِهِمْ الشَّهَادَةَ فَلِذَلِكَ لَوْ أَخْفَى أَحَدٌ شَخْصَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَشَاهَدَ أَحَدًا أَقَرَّ لِآخَرَ بِشَيْءٍ فَلِلشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى إقْرَارِ الْمُقِرِّ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .

أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ أَسْئِلَةٌ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَسَنُبَيِّنُهَا مَعَ أَجْوِبَتِهَا فِيمَا يَأْتِي: س (١) : إنَّ بِلَفْظِ حَقِّهِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ تَخْرُجُ الشَّهَادَةُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَى الْإِبْرَاءِ يَشْهَدُ عَدَمَ الْحَقِّ وَلَا يَشْهَدُ بِالْحَقِّ؟ ج - إنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأ هَذَا الْمَدِينَ هِيَ فِي الظَّاهِرِ شَهَادَةٌ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ إخْبَارٌ عَنْ حَقِّ الْمَدِينِ وَهُوَ سُقُوطُ حَقِّ الدَّائِنِ عَنْهُ (الْبَحْرُ) . وَالْحَقُّ بِالتَّعْرِيفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ شَامِلًا لِلْحَقِّ الْوُجُودِيِّ وَالْعَدَمِيِّ.

س (٢) : إنَّ بِلَفْظِ حَقِّهِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ يَحْصُلُ تَعْرِيفُ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَلَا يَتَنَاوَلُ حُقُوقَ اللَّهِ كَطَلَاقِ الْمَرْأَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ أَوْ بِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا يَشْمَلُ الشَّهَادَةَ الْحِسْبِيَّةَ فَلَا يَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ؟ ج - إنَّ الشَّهَادَةَ الْمَعْرُوفَةَ غَيْرُ الشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ فَعَلَيْهِ يَجِبُ خُرُوجُ الشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ، وَالتَّعْرِيفُ لِلشَّهَادَةِ الشَّامِلُ لِلشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ هُوَ: الْإِخْبَارُ الصِّدْقُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ.

س (٣) : إنَّ بِلَفْظِ " فِي حُضُورِ الْقَاضِي " الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ تَخْرُجُ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ فِي حُضُورِ الْمَحْكَمَةِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ؟ ج - إنَّ قَيْدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي لَيْسَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ التَّعْرِيفِ بَلْ هُوَ مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ هُوَ خَارِجٌ عَنْ ذَاتِ الشَّيْءِ (الشِّبْلِيُّ) .

س (٤) : وَبِتَعْبِيرِ فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ تَخْرُجُ الشَّهَادَةُ الَّتِي يَسْتَمِعُهَا الْقَاضِي فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي حُضُورِ الْكَاتِبِ وَمُوَاجَهَةِ الْمُدَّعِي فَقَطْ مِنْ التَّعْرِيفِ وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ؟ ج - بِمَا أَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَتَجْوِيزُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَالتَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ تَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ (الْبَحْرُ) . أَيْ إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْعُرْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>